أحدهما: أن الماضي موجود والموجود معرف وصفة المعرف لغو لأنه مستغن عن الصفة. اما المستقبل فهو معدوم ولا يعرف إلا بالصفة فاعتبرت الصفة في المستقبل ولم تعتبر في الماضي.
الوجه الثاني: أن الكلام في الماضي وقع خبرا وليس المطلوب من الأخبار الصحة والنفاذ والقبح والحسن، إنما المراد منه إعلام السامع لشيء ما وليس لذلك في المستقبل المطلوب منه وجود الغرض المتعلق بالفعل والإمتاع منه والغرض يتعلق في المستقبل فإن المستقبل بالصحيح لا بالفاسد، والله أعلم.
وقلت أنا: سألت رحمك الله عن قول محمد في «الجامع الكبير» في باب العتق إذا قال الرجل لآخر: أى عبيدي ضربك فهو حر فضربوه جميعا عتقوا، ولو قال لعبيده أيكم حمل هذه الخشبة فهو حر، وكانت مما يقدر على حملها واحد فحملها كلهم جملة واحدة لا يعتق أحد منهم ما الفرق بين المسألتين؟ وسألت وفقك الله عن قوله إذا حلف الرجل أنه لا يصلى صلاة فصلى بغير وضوء لا يحنث، وإذا حلف أنه ما صلّى وقد كان صلّى بغير وضوء حنث، ما الفرق بين المسألتين أيضا وأنا أذكر إن شاء الله ما وقع من الفرق بين هذه المسائل، فإن رأيت خطأ فاعذر وسامح كما قال الحريري:
وإن تجد عيبا فسد الخللا … فجل من لا عيب فيه وعلا
أو كما قال أبو على الفارسي: إن الخطأ بعد التحري موضوع عن المخطئ ومثلي من يعذر ولا سيما في مثل هذا الوقت واشتغالي فيه بما تعلم مع قلة المطالعة بل مع عدمها وذلك أن هذا الكتاب وصل إلى وأنا بنابلس في شهر المحرم سنة خمس عشرة وستمائة والفرنج على عثليث وقيسارية يبنونهما فلذلك لم يكن عندي كتاب.
أما الفرق بين ضرب العبيد وحمل الخشبة وذلك لأن أيا اسم معرب يستفهم به، ويجازى فيمن يعقل وفيما لا يعقل. قال أبو على: أيهم في الدار فمكرم محمول، وأيكم يأتينى فله درهم.
وقال الجوهري: تقول أيهم أخواك وأيهم يكرمني أكرمه. وهو معرفة بالإضافة وقد تترك الإضافة لفظا وفيه معناها، وقد تكون بمنزلة الذي فتحتاج إلى صلة، وتقول