للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وسفيان احتاج أن يعرف بيوت مكة والمدينة وبنيانهما وصقاعهما وحدائقهما على ما كانا عليه في زمن النبي إلى اليوم، واعلم أن معرفة الأراضى غير مشروعة في شريعة من شرائع الإسلام، واعلم أنا نقول إن الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين مبعوثون حقا ولو قال رجل لا أعرف أن موسى نبى حق أو غيره فقد كفر ومع ذلك لا يضرنا جهالة قبورهم ولا مواطنهم. فأما إذا ثبت عنده مبعث النبي بلا شك بشرائط الإسلام فهو مؤمن حقا ولا يضره جهالته بموضع قبر النبي فيه فإن القبر ليس من شرائط الإيمان ولا الإسلام، واعلم أنه لو كان الأمر كما ذكر عنه لكان المسلمون الذين في زمن النبي الناءون عنه لا يصح إسلامهم فإنهم ما كانوا يعرفون كل وقت حقيقة موضعه لأنهم كانوا يفارقونه في موضع وينتقل إلى آخر، أفكانوا بجهالة المواضع يكفرون؟ فإذا ثبت أن الموضع لا يحتاج إليه في حال الحياة فلأن لا يضر مع الوفاة أجدر.

وقال: في سياق الحديث قال الحارث بن عمير: وسمعته يقول: لو أن شاهدين شهدا عند قاضى أن فلانا طلق امرأته وعلما جميعا أنهما شهدا بالزور ففرق بينهما، ثم لقيها أحد الشاهدين فله أن يتزوج بها؟ قال نعم.

الجواب: إن القاضي ما سمى قاضيا إلا مشتقا من القضاء والقضاء القطع كأنه مأخوذ من قطع الخصومات أو مأخوذ من القطع بالشيء عن أحدهما للآخر وهذا أولى لأن النبي يقول: «قضيت له شيئا» أى من قطعت له شيئا فثبت ما ذكرت فإذا فسخ القاضي بينهما أيحل لأجنبى أن يتزوج بهذه المرأة أم لا فإن قال لا فقد افترى، وإن قال نعم فكذلك يحل لأحد الشاهدين لأن فعل القاضي حجة من حجج الشرع لا تندفع في حق بعض دون بعض وإن كانت لا تحل لأحد الشاهدين فهي على نكاحها الأول فلا تحل لغيره أيضا وليس في سياق الخبر ما يضر ما قلت لأن

قول النبي «فإنما أقطع له قطعة من النار»

فنحن نقول كذا أيضا لأن هذا فعل حرام إنما اتصل بقضاء القاضي غير مدفوع كقضاء النبي وإن كان النبي بين تحريمه، وما قلت فهو جواب لما أسنده إلى حمزة بن الحارث بن عمير وعن عباد بن كثير.

وأما ما نقله عن محمد بن الحسين بن الفضل القطان إلى يحيى بن حمزة أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلا عبده هذه النعل يتقرب بها إلى الله لم أر بذلك بأسا. فقال سعيد: هذا الكفر صراحا.

<<  <   >  >>