للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يثبت على الخطإ ويحتج دونه ولا يرجع إلى الصواب إذا بان له فمن أين لأبى محمد هذا؟ وهذا القول من مالك في حق أبى حنيفة أقرب إلى المدح منه إلى الذم وأظهر.

ثم إن القائلين بمذهب مالك من عهد مالك إلى وقتنا هذا- وهي سنة إحدى وعشرين وستمائة- لا يقدرون على إثبات خطإ لأبى حنيفة، فكيف يسوغ لفقيه أن يتكلم في أمر فقيه ولا يقوم بما قال ومسائل الخلاف أشهر من أن أبينها لك وليس المراد من كتابنا هذا الإكثار وإنما مرادنا الاختصار.

وروى عن حمزة إلى أبى بلال الأشعريّ قال سمعت أبا يوسف القاضي يقول: كنا عند هارون أنا وشريك وإبراهيم بن أبى يحيى وحفص بن غياث، قال فسأل هارون عن مسألة فقال إبراهيم بن أبى يحيى حدثنا صالح عن أبى هريرة. قال قال رسول الله .

وقال شريك حدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر بن الخطاب.

وقال حفص حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: قال عبد الله قال: وقال لي أنا: ما تقول أنت قال: قلت قال أبو حنيفة. قال فقال خاك يس.

قلت: تفسيره تراب على رأسك. هذا القول إنما أراد به الخطيب التشنيع على أحسن وجهيه أما الوجه الآخر فهو الصحيح لأن الخطيب إنما أراد التشنيع وما علم ما ينقل، لأن الأمة قد أجمعت أن أئمة الأمصار هم اليوم الأربعة فمتى جاء عن أحدهم كلام لا يشك أحد أنه منقول من الكتاب والسنة، أو مقيس عليهما أو على أحدهما، ولا شك أن الخبر الوارد عن النبي لا يكمل العمل به اليوم، لأنا لا نعلم أحوال الرواة. ثم إن المحدثين يأخذون الآثار عمن سمع وهو طفل صغير لم يقف على ما يرويه ولا يعلم كيف سمعه. أو يكون رجلا سمع الحديث ثم لم يقرأه ولم يدر ما هو حتى يرويه. وقد أجمعت الأمة على أنه لا يجوز أخذ الأحكام إلا ممن سمعها ووعاها وأداها كما سمعها، كما قال : «رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها» وإذا سمع أحد الخبر على هذا الوجه لا يحل له العمل به حتى يعلم أنا سخا هو أو منسوخا، أم ثم حديث آخر يجب على الفقيه أن يجمع بينهما مثل قوله لما سئل عن مس الفرج- فقال: «من مس فرجه فليتوضأ». ثم روى عنه أنه سئل فقال: «هل هو إلا بضعة منك» فورد عنه هذان الوجهان، فإذا أردنا الجمع بينهما قلنا إن أصل الوضوء من الوضاءة وهي

<<  <   >  >>