للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النار, وليس هذا مذهب أحمد, ولا غيره من أئمة الإسلام, بل لا يختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل, ولا يكفر من يفضل عليا على عثمان, بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم. وإنما يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته, لان مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة, ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق. وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم, وأنه يدور على التعطيل, وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة.

لكن ما يكفر أعيانهم, فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به, والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط, والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه, ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق, وأن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك, ويدعون الناس إلى ذلك, ويمتحنونهم, ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم, ويكفرون من لم يجبهم, حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق, وغير ذلك, ولا يولون متوليا ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك, ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم, واستغفر لهم, لعلمه بأنه, لم يبن لهم أنهم مكذبون للرسول, ولا جاحدون لما جاء به, ولكن تأولوا فأخطأوا وقلدوا من قال لهم ذلك.

وكذلك الشافعي لما قال لحفص الفرد حين قال: القرآن مخلوق: كفرت بالله العظيم. بين له أن هذا القول كفر, ولم يحكم بردة حفص بمجرد ذلك, لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها, ولو اعتقد أنه مرتد لسعى في قتله, وقد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء, والصلاة خلفهم.

وكذلك قال مالك رحمه الله والشافعي وأحمد, في القدري: إن جحد علم الله

<<  <   >  >>