للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمل دون عمل، وكون الحائض يرتفع عنها عمل الصلاة والصوم، ليس معناه أن جميع الأعمال التي قد كلفت بها قد ارتفعت، ثم يقول القائل: إن إيمانها قد ارتفع. كلا فإن الحائض لم تترك الصلاة ولم تترك العمل إلا استجابة لأمر الله، وهذا في حد ذاته عمل منها؛ لأن الأعمال تنقسم إلى قسمين: عملٌ تركي، وعمل مأتيٌّ. فكون الحائض قد تركت الصلاة استجابة لأمر الله فالعمل ما زال قائما في حقها، ثم إن المرأة إذا حاضت لا يرتفع عنها جميع الأعمال التي كلفت بها، بل جميع الأعمال التكليفية تؤديها كما كانت تؤديها إبَّان طهرها، إذاً العمل في حقها ما فتِئ مستمرّا لم يرتفع بحيضها ولا بطهرها.

وأيضا يقال: إن الصلاة سماها الله إيمانا في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} "سورة البقرة: الآية١٤٣".

وهي من أعظم شعب الإيمان، والإيمان شعب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان" ١.

إذاً فقد رُفع عن الحائض بعض شعب الإيمان بحكم الشرع، ومع ذلك فهو نقص في دينها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبٍّ منكن" قالت: يا رسول الله وما نقصان العقل والدين؟ قال: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين" ٢.


١ أخرجه البخاري كتاب الإيمان باب أمور الإيمان ١/٥١ ح٩ من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.
٢ أخرجه مسلم كتاب الإيمان باب نقصان الإيمان بنقص الطاعات ١/٨٦-٨١٠ ج١٣٢ من طريق عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر.

<<  <   >  >>