قلت: وفي الغالب أن هذه الزيارة وتلك الاجتماعات المحددة والمعنية في السنة تكون يوم ولادة صاحب القبر أو وفاته، حيث يذهب في هذا التاريخ إلى مرقده فيجتمع عنده، وتقام المراسم الخاصة بذلك الاحتفال وهو ما يعرف بالموالد والأعراس.
وذلك أن أرباب القبور يزعمون أن زيارة الولي أو الصالح والاحتفال به هو الدليل الأكبر والشاهد الملموس على أن هذا الولي "صاحب القبر" مازال يعيش في قلوب الناس، يكرمونه ويدعونه، ويلتمسون لديه العون على حل مشاكلهم وأن هذا العمل طاعة وقربة يثاب فاعلها، كما يحصل لهم في هذا الاحتفال اللهو والمجون والفسحة والتسلية بحجة أنه يوم عيد لصاحب القبر.
وإليك مثالاً لتلك الموالد وطريقة إحيائها، وما يفعل فيها وليكن هذا المثال الاحتفال بمولد البدوي ١ الذي يعد من أعظم الأولياء عند زواره والاحتفال به من أكبر المواسم التي تشد إليها الرحال، ليتضح فيه جلياً كيف اتخذ قبره عيداً ووثناً، يعبد من دون الله والعياذ بالله.
وذلك أن مراسم الاحتفال تكون في ساحة المسجد وحوله ويقصده الناس من جميع الجهات فتقدم فيه النذور والقربات وتقام فيه الصلوات، وتعقد المجالس والحلقات، فتزدحم مدينة طنطا بالزائرين بهذه المناسبة، وتضرب
١ هو: أحمد بن علي بن إبراهيم الحسيني أبو العباس البدوي، المتصوف صاحب الشهرة في الديار المصرية وإليه تنسب الطريقة الأحمدية، كما يعرف بأبي اللثامين السطوحي، وأصله من المغرب، ولد سنة (٥٩٦هـ) ، وطاف البلاد وأقام بمكة والمدينة ودخل مصر، وكانت وفاته بطنطا (٦٧٥هـ) . انظر: شذرات الذهب (٥/٣٤٥) ، والطبقات للشعراني (١/١٦٢) ، والأعلام (١/١٧٥) .