ويتصور في نفسه من أول الأمر أن الحز مضى في اللحم حتى لم يرده إلى العظم.
انتهى من كلام عبد القاهر في (الدلائل).
قد يحذف المفعول؛ لإرادة التعميم والامتناع عن أن يقصره السامع على ما يذكر دون غيره، انظر مثلًا إلى قول الله تعالى:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ}(يونس: ٢٥) تجد أن المفعول قد حذف؛ لإفادة العموم، وأن الدعوة ليست مقصورةً على أحد دون آخر، بل تتعدَّى إلى كل من تتأتَّى دعوتهم، فالمراد -والله أعلم- يدعو كل أحد تصلح دعوته إلى الجنة.
وتقول أنت لصاحبك: قد كان منك ما يؤلم، أي: ما الشأن في مثله أن يؤلم كل أحد، فحذفك المفعول أفاد التعميم؛ مبالغةً في إيلام ما كان منه، فهو من الشدة بحيث يؤلم كل أحد. ولو ذكرت المفعول، فقلت: قد كان منك ما يؤلمني؛ لفاتت تلك المبالغة المطلوبة.
وتأمل قول البحتري: إذا بعدت أَبْلت وإذ قربت شفت، وهجرانها يبلي ولقيانها يشفي، تجده قد حذف المفعول في أربعة مواضع، والتقدير: إذا بعدت عني أبلتني وإن قربت مني شفتني فهجرانها يبليني ولقيانها يشفيني، والحذف -كما ترى- قد أفاد المبالغة وعموم الفعل، وصور أن بعدها يبلي كل أحد فهو البِلَى والداء المضني، وأن قربها ولقيانها هو الشفاء والبُرء من كل داء.
واقرأ مع ذلك قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}(الحجرات: ١).
يقول الزمخشري: وفي قوله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا} من غير ذكر مفعول، وجهان؛ أحدهما: أن يحذف ليتناول كل ما يقع في النفس مما يقدم، والثاني: ألا