للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإكرام زيد على تعلقه بعمرو، وقول عيسى على تعلقه بما أمره الله به، وأكل الذئب على تعلقه بالغنم القاصية، وهكذا في بقية الشواهد المذكورة، وأما قصر الفاعل على الظرف، نحو: ما سافر خالد إلا يوم الخميس، أو على المفعول لأجله: ما زرتك إلا محبة، وقوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر: ٣) أو على المفعول المطلق نحو: ما قلت إلا قول المخلصين، ما حججت إلا حجتين، وقوله تعالى: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} (الجاثية: ٣٢) أي ظنًّا ضعيفًا، أو على التمييز كقولك: ما طاب محمد إلا نفسًا، أو على الجار والمجرور نحو: ما عملت إلا في بيتي وما دفعت إلا عنك، أو على غير ذلك من المتعلقات التي يقع فيها القصر، فإن القصر فيها يكون إما من قصر الموصوف على الصفة أو من قصر الصفة على الموصوف، بالاعتبارات الموضحة في قصر الفاعل على المفعول.

وقصر صاحب الحال على الحال من قصر الموصوف على الصفة، نحو: ما جاء عليّ إلا راكبًا، وما لقيته إلا ضاحكًا، ما انتصر المسلمون إلا وهم متحدون، وقصر الحال على صاحبها من قصر الصفة على الموصوف، نحو: ما جاء راكبًا إلا خالد، ما لقيني مرحبًا إلا عمرو، وما انصرف غاضبًا إلا زيد، وأما المفعول المطلق المؤكد لعامله والمفعول معه فلا يتأتى فيهما القصر، إذ لا يقال: ما ضربت إلا ضربًا، ولا ما سرت إلا والنيل وهكذا. السؤال إذن: ما الفرق بين القصر الحقيقي الادعائي والقصر الإضافي؟ هو على نحو ما مر بنا؛ أن القصر الحقيقي الادعائي: المنفي فيه عام؛ إذ يشمل كل ما عدا المقصور عليه ادعاءً ومبالغة، فقولك: ما شاعر إلا زهير، قصر لصفة الشعر على زهير بحيث لا تتعداه إلى غيره من الشعراء، على سبيل المبالغة، وكذا قولك: ما زهير إلا شاعر، قصرٌ لزهير على صفة الشعر لا يتعداها إلى غيرها أصلًًا، وهذا يعني أنه

<<  <   >  >>