للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقولك: أنا سعيت في حاجتك، ومحمد يقري الضيف، فإنه يفيد القصر أو التقوية وتأكيد الحكم -حسبما يقتضيه السياق وقرائن الأحوال، والنكرة في هذا كالمعرفة، تقول: ما رجل جاءني، فيفيد تقديم النكرة القصر؛ أي نفي المجيء عن جنس الرجال وقصره على جنس النساء، والمعنى: ما رجل جاءني بل امرأة، أو نفيه عن الواحد لإثباته لغيره، والمعنى: ما رجل جاءني بل أكثر، وتقول: رجل جاءني، فيفيد تقديمها تقوية الحكم وتأكيده أو القصر؛ أي: قصر المجيء على جنس الرجال، ونفيه عن جنس النساء، والمعنى: رجل جاءني لا امرأة، أو قصره على العدد، والمعنى: رجل جاءني لا رجلين. ومن تقديم المسند الذي أفاد تقديمه القصر قوله جل وعلا: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (الكافرون: ٦) وقوله: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} (الصافات: ٤٧) وقوله: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الشورى: ٤٩) ومنه قول عمرو بن كلثوم:

لنا الدنيا ومن أضحى عليها ... ونبطش حين نبطش قادرينا

وقول الآخر:

رضينا قسمةَ الجبار فينا ... لنا عِلمٌ وللأعداء مال

وقول آخر:

لنا القلم الأعلى الذي بِشُباتِه ... يصاب من الأمر الكلى والمفاصل

وشُبات كل شيء: حدة طرفه، وجمعها شبوات، والمراد: أنهم يُصيبون المحز، بما يكتبون ويقولون، فالبيت كناية عن الفصاحة وإجادة القول، ومن تقديم أحد المتعلقات على الفعل قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة: ٥) وقوله جل وعلا: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

<<  <   >  >>