١ - أن دلالة التقديم وضمير الفصل وتعريف الطرفين أو أحدهما "بأل" الجنسية على القصر، ليست دلالة وضعية وإنما هي دلالة تذوقية، تفهم من فحوى الكلام وسياقاته وقرائن أحواله، وكذا توسط الضمير بين طرفي الإسناد قد يكون لتأكيد مضمون الكلام ويعرب مبتدأ ثانيًا، فليس دائمًا لإفادة الاختصاص، وتعريف الطرفين أو أحدهما بأل الجنسية قد يكون للتقرير وتأكيد نسبة المسند إلى المسند إليه، وقد يكون لغير ذلك، أما النفي والاستثناء وإنما والعطف بـ لا وبل ولكن فدلالتها على القصر دلالة وضعية.
٢ - أن الأصل في طريق العطف بـ لا وبل ولكن، النص على المثبت والمنفي معًا، تقول: زهير شاعر لا كاتب، ما شوقي كاتبًا بل شاعر، ما عمرو جواد لكن حاتم، ولا يُترك النص على المثبت والمنفي في هذا الطريق إلا كراهة الإطناب في مقام الإيجاز، أما بقية الطرق فالأصل فيها أن يُنص على المثبت فقط دون المنفي، تقول: ما شاعر إلا زهير، وما زهير إلا شاعر، إنما أنت أبٌ، إياك أكرمت، محمد الشجاع، خالد الوفي، وهكذا، فبهذه الطرق قد نص على المثبت فقط، أما المنفي فمفهوم من القصر بمعرفة سياقات الكلام.
٣ - اجتماع طريقين من طرق القصر: لا يجوز أن يجتمع طريق النفي بلا العاطفة وطريق النفي والاستثناء؛ لأن لا موضوعة لأن يُنفى بها ما أوجب للمتبوع، كقولك: زيد كريم لا شجاع، فهي موضوعة للنفي ابتداء، لا لأنْ تعيد بها النفي في شيء قد نفيته، أما بقية الطرق فتجتمع والنفي بـ لا، تقول في اجتماعه وإنما: إنما زيد كريم لا شجاع، وفي اجتماعه والتقديم: إلى الله أشكو لا إلى الناس، وفي اجتماعه والتعريف بأل: زيد الكريم لا عمرو؛ وذلك لأن النفي في هذه الطرق ليس نفيًا صريحًا، بل نفيت بها ما قد فُهم نفيه في الجملة