الفعل إلى ما حقه أن يسند له كالفاعل في الفعل المبني للمعلوم نحو: ضرب زيد عمرًا، والمفعول به فيما بني للمجهول نحو: ضرب عمرو، فالفعل المبني للفاعل من حقه أن يسند إلى الفاعل كما في المثال الأول، والفعل المبني للمفعول من حقه أن يُسند إلى المفعول الذي هو نائب الفاعل كما في المثال الثاني.
وعلى ذلك فالإسناد في قولك: ربح محمد في تجارته، وصام العابد نهاره وقام ليله، وجرى الماء، وقام زيد، وأحسن خالد، هو من قبيل الحقيقة العقلية؛ لأنه إسناد إلى ما هو له، ومعنى: كونه له، أن معنى الفعل قائم به ووصف له، وحقه أن يسند إليه سواء أكان مخلوقًا لله تعالى كما يقول أهل السنة، أم كان لغيره كما يقول المعتزلة، وسواء أكان صادرًا عنه باختيار كضرب أم لا كمرض ومات.
ويمكن القول: إن الأفعال من هذه الجهة تنقسم إلى أفعال استأثر الله بها مثل: خلق ورزق وأحيا وأمات، وإلى أفعال لغيره كسب فيها مثل: قام وقعد وأحسن وأساء، وإلى أفعال يراد من إسنادها مجرد الاتصاف بها مثل: صح ومرض ومات وعظم وتنزه.
ف الطائفة الأولى إسنادها إلى الله حقيقي ولا يصح إسنادها إلى غيره على سبيل الحقيقة -سبحانه وتعالى - والطائفة الثانية منها ما يصح إسنادها إلى غير الله تعالى إسنادًا حقيقيًّا كأحسن، ومنها ما لا يصح إسنادها إلى الله تعالى مثل: قام وقعد، والطائفة الثالثة منها ما يسند إليه تعالى مثل: عظم وتنزه، ومنها ما يسند إلى غير مثل: صح ومرض ومات؛ فالفاعل في الإسناد الحقيقي يشمل مَن يقع منه الفعل حقيقة، ومَن يقع منه الفعل حكمًا، ومن يتصف به، ف من النوع الأول قوله تعالى:{تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}(آل عمران: ٢٦) وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}(النجم: ٤٣){وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}(النجم:٤٤، ٤٥).