للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلاقة الثانية الفاعلية: وتكون بإسناد الفعل المبني للمفعول أو معناه إلى الفاعل مثل قولهم: سيل مفعم، بصيغة اسم المفعول؛ أي: مملوء، مسندًا إلى ضمير السيل الذي هو الفاعل، وحق اسم المفعول أن يسند إلى المفعول الذي صار نائب فاعل وهو المكان؛ إذ من المعروف أن السيل هو الذي يفعم المكان؛ أي: يملؤه فالسيل مفعم بكسر العين والمكان مفعم بفتحها، ولكنهم تجاوزوا في الإسناد حيث أسندوا اسم المفعول إلى ضمير السيل الذي هو الفاعل، فهو مجاز عقلي علاقته الفاعلية.

ومنه قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} (مريم: ٦١) وقوله: {مَأْتِيًّا} اسم مفعول مسند إلى ضمير الوعد الذي هو فاعل في الحقيقة والواقع؛ لأن الوعد يأتي ولا يؤتَى، وحقيقة الإسناد مأتيًا صاحبه؛ أي: يأتيه الوعد.

ومنه أيضًا قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} (الإسراء: ٤٥) فقد أسند اسم المفعول: {مَسْتُورًا} إلى ضمير الفاعل وهو الحجاب، والمعروف أن الحجاب ساتر لا مستور، فهو الفاعل الحقيقي للمسند، ولذلك سميت هذه العلاقة بالفاعلية.

العلاقة الثالثة المصدرية: وتتحقق بإسناد الفعل إلى مصدره كقولهم: فلان جد جده، فالفعل جد قد أسند إلى مصدره، وحقه أن يسند إلى الفاعل ف يقال: جد فلان جد، ففاعل الجد هو الشخص الذي يجِد في عمله، ومن ذلك قول أبي فراس الحمداني:

سيذكرني قومي إذا جد جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

<<  <   >  >>