اللغويين وما تميز به من دقة واحتياط وجمعها لمقاييسهم التي يراعى فيها الزمان والمكان والجانب الفني، ويورد أمثلة لمروياتهم، ومنها نونية المثقب العبدي التي استجادها أبو عمرو بن العلاء، والتي تحدث عن مضامينها وتميزها وما فيها من رؤية فكرية ونفسية، مما يكشف عن خلق الشاعر، ويناقش ابن قتيبة الذي يرى أن مقولة أبي العلاء خاصة بالأبيات التي ورد بعدها التعليق مما وافقه فيه ابن طباطبا، وينقض الباحث هذا الرأي معللا لما ذهب إليه وموضحا اتساق الوصف مع خلق المثقب وفكره، كما تحدث عن إعجاب الراوية البصري يونس بن حبيب برائية عدي بن زيد، ويعلق عليها بما يبرز ما فيها من جودة، ويذكر نموذجا غزليا من مختارات الأصمعي يجد فيه جمالا وإحسانا بما حوى من جوانب تكشف عن عفاف المحب وتصون المحبوب؛ مما يدل على اتجاه الأصمعي الخلقي في الانتخاب والرواية، كما ذكر عن بعض اختيارات المبرد من شعر المولدين وما تضم من جوانب خلقية وتربوية وعلمية وسلوكية كعينية محمود الوراق وغيرها، ثم عرض لرواة الشعر في الكوفة بما يظهر لديهم من مرويات الإحسان التي لم تكن قصرًا على أهل اللغة من البصريين.
والفصل الثالث:"مرويات الأدباء والنقاد"، تحدث فيه عن مرويات الجاحظ، وما تتسم به من صلاحية للرواية والمذاكرة والإنشاء والتناول، كما تأتلف فيها الصورة الفنية بالمضمون الحسن، وساق جملة من مروياته، وأشار إلى ما أطلقه عليها من ألقاب، ثم يعرج على الإحسان في مرويات ابن طباطبا ومنهجه في الانتخاب مما يتفق مع الاتجاه الجمالي الشامل، ويحدد مختارات ابن طباطبا التي دارت بين شعري الجاهلية والإسلام، وما استحسنه، والأغراض التي ظهرت في مروياته وأسباب ذلك، وذكر جملة من النماذج التي تفرز ما ذهب إليه من شعر زهير والقطامي ونهشل المازني وغيرهم، كما تحدث عن