كنت في أؤخر كتابة هذا المقال من حين إلى حين.. وربما لأكثر من سبب، لعل منها أنني لا أجد في نفسي الشجاعة الكافية لاسترجاع ذكرى تلك اللحظة المؤلمة التي تلقيت فيها نبأ وفاة والدتي، فشعرت شعورًا حادًّا أنها لحظة فطام مريرة، ولكنها شدة ما تختلف عن ذلك الفطام القديم.. حقًّا إنني الآن أفتقد حنانها فقدانًا لا رجعة فيه ما دمنا في هذه الحياة الدنيا.
ولعل منها أنني لا أجد هذه الكلمات التي أستعملها كلما عمدت إلى إعداد مقال ما، لا أجدها تطاوعني على التعبير الدقيق عن حقيقة مشاعري تجاه هذا الحدث الكبير، فليس من السهل أن يعبر كاتب مهما أوتي من بلاغة التعبير عن مرارة فقدان ذلك النهر الدافق من الحنان الذي كان ينهمر من ذلك الصدر الحنون.
ولعل منها، أنني كثيرًا ما تساءلت: وماذ يهم القارئ خاصة في هذا العصر العجيب المضطرب بالأحداث أن أحدثه عن أشجاني الخاصة، مع ما يغلف هذا الحديث من مرارة، ومع ما يطفح به العالم من أحداث مؤلمة تملأ النفس أسًى وشجنًا.. أليس من تلك الأحداث الكفاية؟
ومع وجاهة هذا السبب الأخير، فقد كنت أحاول أن أجد له مسوغًا.. أليس في كثير مما يكتب الكتاب أحاديث ذاتية، تدور حول ذواتهم
١ عبد العزيز الرفاعي، أمي، المجلة العربية، العدد "١٧٨"، شعبان ١٤١٣هـ، ص٥٤ فما بعدها.