للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-حين يقولها- بملء فيه، ويقول "نعم" بملء فيه. فتكون منه خير درس للناشئين يتعلمون منه الرجولة، يقتل المسائل بحثا ودراسة، ويعرف فيه مواضع الصواب والخطأ، ومقدار النفع والضرر، ثم يقدم في حزم على عمل ما رأى واعتقد، لا يعبأ بتصفيق المصفقين، ولا بذم القادحين، إنما يعبأ بشيء واحد هو صوت ضميره، ونداء شعوره.

ب- والعالم الرجل: من أدى رسالته لقومه عن طريق علمه، يحتقر العناء يناله في سبيل حقيقة يكشفها أو نظرية يبتكرها، ثم هو أمين على حق بين يديه، لا يفرح بالجيد لجدته، ولا يكره القديم لقدمه، له صبر على الشدائد، وازدراء بالإعلان عن النفس، وإظهار للحقيقة، صادفت هوى الناس أو أثارت سخطهم، جلبت مالا أو أوقعت في فقر، يفضل قول الحق وإن أهين.

جـ- والصانع الرجل: من بذل جهده في صناعته إلى أرقى ما وصلت إليه في العالم، عشقها وهام بها حتى بلغ ذروتها، يشعر بأنه وطني في صناعته كوطنية السياسي في سياسته، وأن أمته تخدم من طريق الصناعة كما تخدم من طريق السياسة. وأن الصناعة لا تقل في بناء المجد القومي عن غيرها من شئون الدولة، فهو لهذا يرفض ربحًا كثيرًا مع الخداع، ويقنع بربح معتدل مع الصدق، وهو لهذا كان رجلًا.

٣- إن في الرجولة متسعًا للجميع، فالزارع في حقله قد يكون رجلًا، والتلميذ في مدرسته قد يكون رجلًا، وكل ذي صناعة في صناعته قد يكون رجلًا، وليس يتطلب ذلك إلا الاعتزاز بالشرف وإباء المذلة.

<<  <   >  >>