للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيئًا فشيئًا من خلال المواقف والأحداث، فبالرغم من أن "عنترة" شخصية تاريخية معروفة، نجح الكاتب في أن يجعل منها شخصية رئيسة تنكشف لنا أبعاد جديدة لها كلما أوغلنا معها في الحركة، وتتبعنا سلوكها في المواقف المختلفة. فمنذ البداية كانت الأزمة النفسية "لعنترة" هي شعوره بالمهانة فتضخمت هذه الأزمة في نفسه، ودفعته إلى التمرد على نفسه، وعلى أمه، وعلى أبيه، ثم على القبيلة كلها، ولهذا كان "عنترة" في البداية يختلف عنه في النهاية، كان عبدًا منبوذًا فصار بكفاحه حرًّا شريفًا، يتزوج عبلة، ويتصدر القبيلة.

أما الشخصيات الثانوية: فتساعد على إبراز المواقف مثل "شيبوب" الذي استغله الكاتب عدة مرات في مراحل مختلفة من القصة، ليبرز لنا مشاعر عنترة، ويكشف عن أفكاره، كما استغله مرات أخرى في الكشف عن سر غامض يؤدى إلى حركة جديدة في سلسلة الأحداث، أو الإدلاء بمعلومة تؤدي إلى النتيجة نفسها: فبعد أن انتصر "عنترة" على فرسان "طيئ" راح يبحث عن "عبلة" فلم يجدها، فخرج يتلمسها في شعاب الوادي مع نساء القبيلة وفتياتها اللائي فررن ساعة الإغارة عليهن، فعرف من إحداهن أن فرسان "طيئ" أخذوا "عبلة" سبية، فسار لا يدري من أي طريق هربوا بها، حتى لقي أخاه "شيبوبًا" ودار بينهما حوار حول اقتفاء شيبوب أثر من خطفوا "عبلة" وتتبعه لهم، حتى عرف مكانهم، فدل "عنترة" عليه.

وهنا نلاحظ أن "شيبوبا" إنما ظهر لعنترة في هذا الموقف لكي يدله على مكان "عبلة" ويغلب على هذا النوع طابع الشخصية "المسطحة" التي تظهر بصورة محددة منذ البداية.

<<  <   >  >>