للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان "شندويل" يكبرهن بأعوام قلائل، فاختلط بالأسرة كأنه واحد منها، يعمل معهم في خدمة الدار والحقل والماشية.

وبعد سنوات دهم ربَّ الأسرة مرضٌ مفاجئ أودى به في أيام، فكانت فاجعة تجلدت لها الزوجة قدر ما تستطيع، ووقفت حياتها على توفير أسباب العيش لبناتها الثلاث، مع رعاية مرافق الدار والحقل والماشية، يعينها الفتى "شندويل" أحسن العول بما أوتي من قوة بنية، وما طبع عليه من صبر ودأب، وما تميز به من جد ونشاط.

وتواصلت الأيام ...

وكبر الفتى، واشتد عوده، وانتهى إليه عبء الحقل أجمع، فنهض به راضيًا بعمله، مرضيًّا عنه.

مع الصبح يخرج إلى الحقل محبور النفس، يسوق الماشية أمامه، وهو يردد أغانيه، ويتابع العمل في نشوة، يحرث ويعزق ويروي، ويعنى بكل شيء حواليه من زرع وضرع، لا تهدأ له حركة، ولا يشغله عن عمله شاغل، وتراه يستقبل بزوغ النبتة بفرحة غامرة، فيظل يتحسسها ويتشممها كأنها من لحمه ودمه.

وعند الظهيرة تلوح "أم فكرية" وبناتها الثلاث، يحملن صحاف الطعام، فيلقاهن "شندويل" بترحاب، وبعد أن يمسح عرقه بطرف قميصه، يهيئ لهن مكانًا ظليلًا من كثب من القناة.. وما هي إلا أن يحلّق الجميع حول سماط الطعام، مقبلين على الأكل في شهية. وتسأل "أم فكرية":

<<  <   >  >>