للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زاعمًا أنه لو قبل هذه السلطنة لجلبت "لنابليون" المتاعب، لأن الناس عند ذلك سيثورون عليه، ويقولون: إنه ولى رجلًا أعمى سلطانًا عليهم.

والحقيقة أن "الجوسقي" كان يريد أن يبقى حرًّا في نضال الفرنسيين، وفي التدبير السري للثورة عليهم، ولذلك غضب منه "نابليون"، وأراد "الجوسقي" أن يسخر من "نابليون" فأصر على أن يريه ابنه "داود" لعلمه أن ابنه هذا -وكان معتوهًا وفي عقله خبل- سيسيء إلى "نابليون" عندما يراه، وقد كان، فقد وصف "نابليون" بأنه صبي صغير، وعند ذلك قال "الجوسقي" لنابليون: معذرة يا سيدي، إن كان هذا يصلح ولي عهد لي، فأنا أصلح سلطانًا لمصر، ولم ترضَ زوجته "ناصحة" منه هذا الموقف، فهي تريد زوجها أن يفكر في مصلحته الخاصة، وفي مصير أسرته ويقبل أن يكون سلطانًا، وهي بهذا تدل على مدى سذاجة تفكيرها، ونظرتها الضيقة، وهذا يلائم طبيعتها وشخصيتها ورؤيتها القاصرة، ولكن زوجها "الجوسقي" مختلف عنها تمامًا، فهو رجل وطني له مكانته، واعتزازه بشخصه ورأيه، لا ينظر إلى تحقيق مصلحة خاصة تكون عاقبتها وخيمة، بل يؤثر عليها المصلحة العامة مهما جلبت له من متاعب.

وقد نجح الحوار في تصوير الشخصيات، وكان ملائمًا كل الملائمة لطبيعة كل شخصية، معبرًا عن رؤيتها للأشياء، ناقلًا في أمانة المواقف الخاصة بكل شخصية.

لنقرأ معًا هذ الحوار الذي دار بين الشيخ "الجوسقي" وزوجته ناصحة بعد أن رفض ما عرض عليه "نابليون" من أن يكون سلطانًا لمصر، وتركه يخرج من عنده غاضبًا ...

<<  <   >  >>