[حقيقة مذهب القدرية النفاة وبيان أنهم مجوس هذه الأمة]
...
١- فأما القدرية النفاة:
فهم الذين يطلق عليهم أكثر العلماء اسم "القدرية".
وهم الذين ورد فيهم الحديث، الذي في "السنن": " أنهم مجوس هذه الأمة "١.
وأكثر أهل "المعتزلة" على هذا المذهب الباطل.
وحقيقة مذهبهم أنهم يقولون: إن أفعال العباد، وطاعاتهم ومعاصيهم لم تدخل تحت قضاء الله وقدره.
فأثبتوا قدرة الله على أعيان المخلوقات وأوصافها، ونفوا قدرته على أفعال المكلفين، وقالوا: إن الله لم يردها ولم يشأها منهم، بل هم الذين أرادوها وشاءوها، وفعلوها استقلالا بدون مشيئة الله.
ويزعمون: أنهم بهذا القول ينزهون الله عن الظلم، لأنه لو قدر المعاصي عليهم، ثم عذبهم عليها، لكان ظالما لهم، وللزم من إثبات قدرة الله على أفعالهم الجبر، الذي هو باطل بالشرع والعقل، كما تقدمت الإشارة إليه.
١ حديث حسن: رواه أبو داود (٤٦٩١) والحاكم (١/٨٥) من طريق أبي حازم سلمة بن دينار عن ابن عمر، وهو منقطع لأن أبا حازم لم يسمع من ابن عمر، ولكن الحديث له شواهد ترقيه لمرتبة الحسن؛ ولذا حسنه الألباني في تخريج شرح الطحاوية لابن أبي العز (٢٨٤) وفي تخريج كتاب السنة لابن أبي عاصم (٢٣٨، ٣٢٩) وراجع مختصر سنن أبي داود للمنذري (٧/٦١) .