للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر القوم كانوا معترفين بالربوبية, فكانوا عارفين بمعاني الألفاظ لا يحتاجون إلى تفرقة, فإذا قيل لهم: لا إله إلا الله, ولا خالق ولا رازق إلا الله, عرفوا ما تدل عليه الجملة الأولى والثانية, وأنت حين توازن بين قوله تعالى إخبارا عنهم {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} , وقوله تعالى {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} , يظهر ذلك ما قلناه بجلاء ووضوح.

على أنه لا يضرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه لم يصطلحوا هذا الاصطلاح, لأنا نقول تؤخذ الأشياء بمعانيها, ولا يلزم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم يمشون على النهج المصطلح عليه.

وغاية قولنا: أن معنى الرب في اللغة غير معنى الإله, فيدل الأول على الإحاطة والخلق والإيجاد والتربية, ويدل الثاني على المعبود بحق أو باطل.

ونقول في الجواب ثانيا: إن لم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم التوحيد إلى أقسام ثلاثة فلم يحصره في قسم واحد –كما تزعم- ومعنى الألفاظ الواردة في القرآن والسنة, واللغة تساعدنا على ذلك, وليس معك ما يناصرك على دعواك.

أما السؤال عن التوحيدين في قوله تعالى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} سؤال عن الربوبية والرب, قال تعالى {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} ١, نهى عن اتباع الآباء في الشرك وأمر بعبادته وحده, فالتوحيدان متغايران بصريح الآية.

الثاني: نقول ليس النزاع على الألفاظ: فهبوا الرب يطلق على الإله لغة, فهل يدل هذا أن توحيد الألوهية –الذي يراد منه إفراده بالعبادة- هو توحيد الربوبية الذي يراد منه الإيمان بأن الله خالق كل شيء, بيده كل شيء, يا ليت هؤلاء يهتدون إلى محل النزاع.

الثالث: ونقول من أنبأكم أن القرآن ذكر جميع ما سألهم عنه وما أشهدهم عليه ومن أخبركم أنه لم يشهدهم على توحيد الألوهية؟ ما معكم من شبهة على ذلك غير أن القرآن لم يذكره على فهمكم, ومن أن القرآن حدث بكل ما


١ ١٧٣ الأعراف

<<  <   >  >>