أما الجواب عن حديث سؤال الملكين: إن الملكين يقولان لمن وضع في قبره من ربك.. الخ.
فأولا: قرر العلماء أنه إذا أطلق لفظ الرب، فيشمل معنى الر بوبية والألوهية، وكذلك إذا أطلق لفظ الإله، كالفقير والمسكين، فإذا أطلق الفقير دخل المسكين في المعنى، ولكن يفترقان في المعنى إذا أفرد الرب بلفظ والإله بلفظ، وكذلك الفقير والمسكين، والإيمان والإسلام، ولهذا يقال إذا اجتمعا تفرقا وإن اتحدا اجتمعا.
ثانيا: أن الملائكة تسأل الميت عن ثلاثة أشياء عن الرب والرسول والدين، ولاشك أن السؤال عن الرسول والتصديق له هو سؤال عن كل شيء جاء به وتصديق به، ومنه توحيد الألوهية، وأن السؤال عن الدين والإقرار بالإسلام يشمل السؤال عن كل ما هو دين، ومنه أن لا إله غير الرب، فالإيمان بذلك هو إيمان بذاك.
فقولهم: إن السؤال كان عن الرب فقط غلط فاحش.
ثالثا: قد ورد في أحاديث سؤال الميت أنه يجيب ملائكة العذاب ويقول: لا إله إلا الله ويشهد بذلك فلم يقتصر على الرب فقط، كما زعم هؤلاء لقصورهم في علم الحديث.
وإلى القراء الكرام بعض الأدلة على الفرق بين توحيد الألوهية والربوبية:
الأول: لا ريب أن الألوهية -أي العبودية من الصلاة وسائر الطاعات- غير الربوبية- أي ملكية الله للعالم - ولا ريب أن توحيد أحد الأمرين المتباينين غير توحيد الأمر الآخر المباين، فلا ندري لماذا ينكرون الفرق بينهما ولماذا يسوون بينهما، والحال أن الفرق بين التوحيدين واضح في اللغة وفي الشرع.