الثاني: متى قيل لا فرق بين هذا وذاك كان المعنى لا فرق بين حقيقتيهما لا اسميهما فقولهم هنا: لا فرق بين الألوهية والربوبية، يريدون لا فرق بين معناهما، وهذا يتناول ثلاثة معان أحدها: أن يكون الشيئان شيئا واحدا، والثاني: أن يكون شيئين لكنهما متلازمان، والثالث: أنه ليس هناك توحيد عبادة وألوهية، ولا شيء يسمى بهذا الاسم، وإنما التوحيد وهو توحيد الربوبية وهو الإيمان بأن الله هو خالق العالم، والاحتمالات الثلاثة باطلة، أما الأول: فمأخوذ من قول النصارى وعقيدتهم في التثليث، وأما الثاني: فمن يقول إن عبادة الله وطاعته هي الإيمان بأن الله خالق العالم، وأما الثالث: فباطل بالضرورة واتفاق المسلمين، فإنه لم يقل أحد من المسلمين، أن الإيمان بأن الله الخالق ينجي العبد من العذاب ويجعله مؤمنا.
الثالث: الألوهية من عمل العباد لأنها "من أله إذا عبد" والعبادة للعبيد، والربوبية من فعل الحق سبحانه، وهي ملكيته للوجود وخالقيته له، فكيف يكون فعل الرب فعلا للعبد، وفعل العبد عملا للرب؟ هذا قول أهل الاتحاد ووحدة الوجود، فهل هم منهم؟
الرابع: لو كان التوحيدان توحيدا واحدا لكان من جاء بتوحيد الربوبية مؤمنا ناجيا مهما عمل ومهما أتى بالمكفرات ومعلوم بطلان هذا لكل أحد.
الخامس: أخبر القرآن أن الكفار كانوا يسمون أصنامهم آلهة قالوا {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} ولم يخبر في آية أنهم قالوا لها: أرباب، فلو كان الفرق بين اللفظين لسموها أربابا كما سموها آلهة، ولما اقتصروا على إطلاق آلهة اطرادا.
السادس: الذي يحقن دم المشرك أن ينطق بكلمة الإخلاص على أن لا يأتي بما ينقضها-وهذه الكلمة التي تحقن الدم هي: لا إله إلا الله ولا يعصمه أن يقول: لا خالق إلا الله بإجماع المذاهب، ولو كان معنى الإله والرب واحد لعصم دمه أحد اللفظين دون الآخر.