للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا ينكرون ذاته كما يزعم المعارضون لعارض باسمك اللهم ولأنكر لفظ الجلالة ولفظ الرحيم المذكورين, فهذا يفسر الآية ويوضح قولهم {وَمَا الرَّحْمَنُ} .

"٣" هذه الآية على فهمهم مخالفة لتسمية العرب مشركين بالله, والناس –قاطبة- يقولون إنهم مشركون بالله, فلو كانوا جاحديه لما كانوا مشركين به, فتسميتهم مشركين بالله يدل أنهم مؤمنون بوجوده, ولكن عبدوا معه غيره.

"٤" الآية على فهمهم معارضة بما احتجوا به من قوله {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ومثلها {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} .

"٥" إذا كان أمثال قوله {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} إلى غيرها من الآيات الكثيرة لا يدل على إيمانهم بالله, وإيمانهم بأنه خالق كل شيء, فمن العجب أن تدل الآية المذكورة على جحدهم الله, وإذا كانوا يكذبون في قولهم: الله خالق كل شيء, فلماذا لا يكذبونهم في قولهم {وَمَا الرَّحْمَنُ} وإذا كانوا يقولون للرسول الله خالق كل شيء كاذبين اضطرارا للحجة –وقلوبهم جاحدة- فكيف ينكرون الرحمن؟

الآية الثانية: قول الله تعالى {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} سورة الرعد.

والجواب: إن المجادلة في أمر ليست جحدا له في قول الناطقين جميعا, فقول القائل: جادل فلان فلانا في القضاء والقدر, أو في علم زيد وجهله, فهل يدل هذا أن لا وجود للقضاء أو القدر, أو لا وجود لزيد.

أما قال الله تعالى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} ١. فهل هذا يدل على أن زوجها غير موجود؟

وقول الله تعالى {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} ٢.


١ المجادلة - ١
٢ ٧٤ هود

<<  <   >  >>