فهل يدل على أن إبراهيم يجادل في وجود قوم لوط, وليس لهم وجود, فيا سبحان الله من الاستدلال الغريب والمنطق العجيب, الذي لا يتفوه به ولا يحتج به إلا ناقص العقل والدين.
الآية الثالثة: قول الله تعالى {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} سورة الأنعام.
والجواب من وجوه
أ- هذه الآية حجة عليهم, إذ من المعقول أن لا يسب أحدا إلا إذا كان المسبوب موجودا, وهل يسب المعدوم؟
ب- لو كان سبهم لله إنكارا, لكان سب المؤمنين آلهة المشركين إنكارا, وينبغي أن يفهم أن السب ليس هو الكلام المعروف الذي يسب الناس بعضهم بعضا, ولكنه مجرد تنقيص أو نسبة شيء غير لائق به, فإذا نسبنا إلى الإله ما لا يليق بجلاله يكون سببا له, كقول النصارى المسيح ابن الله وقول اليهود عزير ابن الله.
وزيادة على الأجوبة السالفة, نقول إن هؤلاء المعترضين متناقضون, مرة يقولون إن المشركين ينكرون الخالق ويحتجون بما سلف من أدلة, وتارة يعترفون بالرب ويستدلون بقول الله تعالى {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} .
فإن كانوا ينكرون الرب, فكيف يحتج هؤلاء على اعترافهم بقول الله تعالى {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ... } الآية
وبما أن كثيرا من العوام, بل وكثيرا ممن ينتسبون إلى العلم لا يفرقون بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية, حتى زعم المبتدعون خصوم الشيخ وأتباعه قائلين: إنه لا فرق بين التوحيدين, فالربوبية هي الألوهية, والألوهية هي الربوبية, ولم يفرق بينهما سوى ابن تيمية وابن عبد الوهاب وتمسكوا بما يلي: