الحصر, وكذا ما رواه الترمذي, والأحاديث ظاهرة المعنى أن شد الرحال لا يكون إلا إلى هذه المساجد الثلاثة كالذي يشد الرحال إلى زيارة القبور والمشاهد.
وأما اعتراض المعترض يلزم على قولكم ألا تشد الرحال إلى طلب العلم وإلى زيارة الأرحام فالجواب: أن تلك الأمور التي ذكرها المعترض وردت فيها أوامر كقوله تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} . وكقوله تعالى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} . وبر الوالدين وصلة الأرحام مأمور بهما في القرآن والسنة كما أن كثيرا من الصحابة والتابعين وتابعيهم شدوا رحالهم إلى طلب العلم, لكن ليأتنا هؤلاء الذين يجوزون شد الرحال إلى زيارة القبور المعظمة بدليل مقبول من كتاب أو من سنة صحيحة أو حسنة على صحة قولهم بأنها مندوبة أو جائزة.
أما من أتى المدينة أو من كان في المدينة فيستحب له أن يزور قبره صلى الله عليه وسلم بل يستحب زيارة قبور جميع المسلمين في المدينة وفي غيرها لحديث " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة". وقد كان ابن عمر يسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يريد سفرا أو يأتي من سفر, وقد ذكر عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن عبيد الله بن عمر أنه, قال ما نعلم أحدا من أصحاب النبي فعل ذلك إلا عمر.
وقد نهى علي بن الحسين زين العابدين, الذي هو أفضل أهل بيته وأعلمهم في وقته ذلك الرجل الذي كان يجيء إلى فرجة كانت عند القبر فيدخل فيها فيدعو, واحتج عليه بما سمعه من أبيه عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تتخذوا قبري عيدا وبيوتكم قبورا فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم" وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن بن علي شيخ أهل بيته, كره أن يقصد الرجل القبر للسلام عليه ونحوه عند غير دخول المسجد, ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا, وقال للرجل الذي رآه