الصاحب زين العابدين يعقوب بن الزبير, ثم اتفق بعد ذلك أن أصابني فالج أبطل نصفي, ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة, فعملتها واستشفعت به إلى الله تعالى في أن يعافني وكررت إنشادها وبكيت ودعوت وتوسلت ونمت, فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم, فمسح على وجهي بيده المباركة, وألقى علي بردة, فانتبهت ووجدت في نهضة فقمت وخرجت من بيتي, ولم أكن أعلمت بذلك أحدا, فلقيني بعض الفقراء, فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلت أيها, فقال التي أنشأتها في مرضك, وذكر أولها وقال: والله لقد سمعتها البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمايل وأعجبته وألقى على من أنشدها بردة فأعطيته إياها, وذكر الفقير ذلك وشاع المنام إلى أن اتصل بالصاحب بهاء الدين ابن حنا, فبعث إلي وأخذها وحلف أن يسمعها إلا قائما حافيا مكشوف الرأس, وكان يحب سماعها هو وأهل بيته, ثم إنه بعد ذلك أدرك سعد الدين الفارقي رمد أشرف منه على العمى, فرأى في المنام قائلا يقول له: اذهب إلى الصاحب وخذ البردة واجعلها على عينيك فتعافى بإذن الله عز وجل, فأتى إلى الصاحب وذكر منامه, فقال ما أعرف عندي من أثر النبي صلى الله عليه وسلم بردة ثم فكر ساعة وقال: لعل المراد قصيدة البردة التي للبوصيري فأت بها, فأتى بها وأخذها سعد الدين ووضعها على عينيه فعوفي, ومن ثم سميت البردة والله أعلم.
جواب الشبهة الثالثة عشرة
والجواب ومن الله نستمد الصواب
إن قصيدة البردة من حيث فن الشعر قصيدة راقية وعذبة, ولكن جاء إنكار الشيخ محمد بن عبد الوهاب وسائر السلفيين من أجل ما فيها من الغلو الذي يبلغ في بعض الأبيات حد الشرك.