للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قولهم أنهم كفروا صاحب البردة ومن كانت في بيته وقرأها, فهذا كذب وافتراء, فلم يكفروه ولم يكفروا أحدا بعينه, إنما يقولون إذا رأوا كلاما فيه شرك, يقولون: إن هذا الكلام بدعة أو شرك ولا يقولون قائله كافر ولا سيما إذا مات, لأن الخاتمة عند الله, ولا يجوز تكفير المعين إلا بعد إقامة الحجة عليه إذا أتى بالشرك أو الكفر, لأنه قد يكون جاهلا وصاحب البردة قد مات, فكيف تقام عليه الحجة حتى يكفروه, لكنهم يقولون إنه على الرغم من أن قصيدته رائعة إلا أنه رجل جاهل بالسنة والتوحيد, وإن كان صالحا, لأن كثيرا من الناس قد يكون معهم صلاح ولكن يكونون جاهلين بالتوحيد والسنة.

أما كون العلماء والأدباء تلقوها بالقبول, فليس حجة, فكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم, والعالم بشر يخطئ ويصيب.

وكثير من الذين تلقوا كلامه وأعجبوا به وأخذوا ينشدون هذه القصيدة في الموالد وغيرها ويشرحونها ويشطرها بعضهم ويخمسها آخرون, معتقدهم في التوسل والاستغاثة كمعتقد صاحب البردة, فمثل هؤلاء ليسوا بحجة لأن التوسل بدعة والاستغاثة بغير الله شرك, وسيأتي الكلام عليها مفصلا إن شاء الله تعالى.

وها أنا ذا آتي بنماذج من أبيات البردة التي فيها المخالفة للشرع والغلو المذموم.

قال:

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من ... لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

معنى هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن محتاجا لضرورات المعيشية الدنيوية, لأن هذه الدنيا لم توجد إلا لأجله هو شخصيا.

والجواب: إنه كان محتاجا للضرورات الحياة لأنه بشر مثل البشر, وإن الدنيا خلقت وما فيها لعبادة الله ومعرفته سبحانه وتعالى بدليل قوله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ

<<  <   >  >>