يُطْعِمُونِ} , وعلى ذلك فهذا البيت معناه خطأ وهو من الغلو المنهي عنه.
فإن قيل إنه ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أوحى الله إلى عيسى عليه السلام يا عيسى آمن بمحمد وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار, ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن. أورده ابن ناصر الدين في مورد الصادي إلى مولد الهادي وعزاه إلى طبقات الأصبهانيين لأبي الشيخ وقال: صحح الحاكم إسناده, وأورده الزرقاني في ج١ من شرح المواهب اللدنية ص ٤٤.
والجواب: إن هذا الحديث لا يصح أبدا, وتصحيح الحاكم وإيراد الزرقاني له ليس له قيمة, والحاكم معروف بتساهله في تصحيح الأحاديث, ومثل هذا الحديث الموضوع: لو لاك لو لاك ما خلقت الأفلاك.
وقد تشبث المبتدعون بمثل هذه الأحاديث, وزعموا أن الله تعالى خلق الدنيا والكون كله لأجل محمد صلى الله عليه وسلم. فقال صاحب البردة بهذا القول وهذا المعتقد متأثرا بما سمعه من تلك الأحاديث الموضوعة وإيراد بعض العلماء لتلك الأحاديث.
وقوله:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
معناه: إن من جودك الدنيا وضرتها أي من عطائك وإنعامك وأفضالك الدنيا والآخرة, وهذا كلام لا يحتمل تأويله بغير ذلك, ووازن بين قول الناظم من جودك الدنيا وضرتها, وبين قوله تعالى {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً, قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ... } الآية.
قال ابن كثير: قل لا أقول لكم عندي خزائن الله, أي خزائن رزقه فأعطيكم ما تريدون ولا أعلم الغيب فأخبركم بما غاب مما مضى وما سيكون, ولا أقول لكم إني ملك لأن الملك يقدر على ما لا يقدر عليه الآدمي, ويشاهد