ما لا يشاهد الآدمي, وقال تعالى {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .
وهذا القول "إن من جودك الدنيا.... الخ" عدوان على مقام الله, وأي عدوان أكبر من هذا؟ إن الدنيا والآخرة هما من جود الله سبحانه وتعالى ومن فضله لقوله تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} .
وكيف يجود صلى الله عليه وسلم والله جل جلاله قد خلق السموات والأرض وما فيهما قبل أن يخلق محمدا بملايين السنين, وقال الله تعالى آمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} .
ولو كان مالكا وواهبا لأقل مما ذكره الشاعر, لاستطاع أن ينفع ويضر على الأقل.
وقوله:
ومن علومك علم اللوح والقلم: لما بلغ في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وإطرائه ووصفه بكون الدنيا والآخرة من جوده صلى الله عليه وسلم, فتعدى في وصفه بالجود ناسبا في زعمه أن يصفه في سعة العلم, فقال: ومن علومك ... الخ.
يعني أن علم اللوح والقلم من بعض علومك.
أما اعتذار بعض الناس, بأن المراد باللوح هنا: اللوح الذي يكتب فيه الناس والقلم الذي يكتبون به, فهذا الاعتذار غير مجد لما قدمناه, ولأن مقتضى لفظه أن أل في اللوح والقلم للعهد الذهني, فلا يقع في ذهن السامع غير اللوح المحفوظ والقلم الذي جرت به المقادير. ولو أراد أقلام الناس لم يخص اللوح, بل يأتي بلفظ يعم ما يكتبون فيه من لوح وقرطاس وغيره, وأيضا فالناس يكتبون بأقلامهم الحق والباطل, ويكتبون الكفر والسحر والشعر وجميع العلوم الباطلة مما ينزه الرسول صلى الله عليه وسلم من إضافته إليه, ويكتبون بعد موته صلى الله عليه وسلم الرسائل والمداينات وغير ذلك مما يقع في غد, وذلك من الخمس التي لا يعلمها إلا الله, وقد قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله