عنها: من زعم أن محمدا يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} .
ومن قبل ذلك قال:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حدوث الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تجلى باسم منتقم
ولا يخفى على كل ذي حجى أن هذه الألفاظ استغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم واستعاذة به, فإذا خوطب النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأموات والغائبين بلفظ من ألفاظ الاستغاثة أو طلب منه حاجة يقول: أغثني أو أنقذني من كذا أو خذ بيدي أو اقض حاجتي أو أنت حسبي أو أشكو إليك حاجتي ونحو ذلك, يتخذه واسطة بينه وبين الله في ذلك فهذا شرك العرب الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقول المستغيث خذ بيدي أو أنقذني من أبلغ ألفاظ الاستغاثة, فلو اعتقد الداعي أن من دعاه وطلبه يقضي حاجته استقلالا من دون الله كان هذا شركا في توحيد الربوبية والألوهية.
قال شيخ الاسلام تقي الدين رحمه الله تعالى: ومن رحمة الله سبحانه أن الدعاء المتضمن شركا كدعاء غيره أن يفعل أو دعائه أن يدعو إن كان ميتا ونحو ذلك, لا يحصل غرض صاحبه ولا يورث حصول الغرض شبهة إلا في الأمور الحقيرة, فأما الأمور العظيمة كإنزال الغيث عند القحط وكشف العذاب النازل فلا ينفع فيه هذا الشرك, قال تعالى {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} .
وقال تعالى {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} . وقال تعالى {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ