أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} وقال {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} , فكون هذه المطالب العظيمة لا يستجيب فيها إلا هو سبحانه دل على توحيده وقطع شبهة من أشرك به.
وقول بعض المعتذرين والمسوغين لقول صاحب البردة, إن قصده بالحادث العمم يوم القيامة, وإن قصده الشفاعة, لأنه قال:
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... ومنقذي من عذاب الله والألم
أو شافعا لي مما قد جنيت غدا ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فالجواب: لا يجوز أن تطلب الشفاعة مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم, بل يطلب الله أن يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى يقول {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} , وقال تعالى {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} .
وازن أيها القارئ الكريم بين قول الناظم: يا أكرم الخلق ما لي من ألو ذ به, وبين قول النبي صلى الله لعيه وسلم للذي قال له: ما شاء الله وشئت, فرد عليه صلى الله عليه وسلم قائلا: أجعلتني لله ندا, قل ما شاء الله وحده.
فلو قال الناظم: ما لي من ألوذ به إلا الله وأنت لكان أقبح من قول القائل: ما شاء الله وشئت, لأن الله أثبت للعبد مشيئة بقوله {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} , فكيف إذا أفرد الرسول باللياذ والالتجاء من ذلك اليوم الذي {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} .
وقولهم: إن الله وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالشفاعة, والله تعالى لا يخلف وعده, وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أول شافع وأول مشفع.
والجواب: هذا القول صحيح, ولكن ليس معنى أنه يشفع, أنه ملكه الشفاعة, يتصرف فيها كما يشاء, بل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تأتيه الأمم يوم القيامة من بعد ما طلبوا من آدم إلى عيسى, يسجد صلى الله عليه وسلم عن يمين العرش فيأتيه الإذن من الله: اشفع تشفع, وسل تعط ولا يشفع إلا لمن أذن الله له فيه بالشفاعة, كما قال تعالى {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} , فعلى المسلم أن يدعو الله أن يشفع الرسول صلى الله عليه وسلم فيه.