تأمل أيها القارئ كيف يقول الشيخ: وأمر آيات الصفات كما أتت، فلم يؤول ولم يمثل، بل صرح في النزول بغير كيف، كما قال مالك في الاستواء.
ولا ينسب إلى الشيخ التمثيل والتكييف إلا من رق إيمانه وقل عقله وغلب عليه التعصب والتقليد الأعمى، يقول ما يشاء ولا يحسب حسابا لوقوفه يوم القيامة أمام رب العباد يقول تعالى {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
ودعوى الخصوم أن الشيخ ابن تيمية رحمه الله يمثل ويجسم، فإنها أولا صادرة من خصومه وثانيا من كذبة ابن بطوطة في رحلته إلى دمشق، ولا يخفى على كل ذي حجى أن رحلة ابن بطوطة مملوءة بالأكاذيب والغرائب التي لا يصدقها عاقل، وتأييدا لذلك، أذكر ماقاله العلامة بهجة البيطار عن فرية "حديث النزول" التي افتراها ابن بطوطة إن صح ما قال، وأن رحلته هذه مملوءة بالمختلقات والحكايات الغريبة بما يخالف المعتقد الصحيح، فهاك البيان:
"١" أن ابن بطوطة رحمه الله لم يسمع من ابن تيمية ولم يجتمع به، إذ كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام ستة وعشرين وسبعمائة هجرية، وكان سجن شيخ الإسلام في قلعة دمشق أوائل شهر شعبان من ذلك العام، ولبث فيه إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمانية وعشرين وسبعمائة هجرية، فكيف رآه ابن بطوطة يعظ على منبر الجامع وسمعه يقول:
ينزل.... الخ.
"٢" أن رحلة ابن بطوطة مملوءة بالروايات والحكايات الغريبة، ومنها ما لا يصح عقلا ولا نقلا وهو يلقي ما ينقله على عواهنه، ولا يتعقبه بشيء