فصل في بيان أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم ينفرد لا هو ولا شيخ الإسلام ابن تيمية بكفر من أشرك بعبادة غير الله
وهاك النقول من كلام العلماء المحققين سلفا وخلفا:
قال الشيخ أحمد بن علي المقريزي سنة ٨٥٤ هجرية بعد كلام سبق:
وشرك الأمم نوعان: شرك في الإلهية وشرك في الربوبية، فالشرك في الإلهية والعبادة هو الغالب على أهل الإشراك، وهو شرك عباد الأصنام وعباد الملائكة وعباد الجن وعباد المشايخ والصالحين الأحياء والأموات الذين قالوا {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ويشفعوا لنا عنده، وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامته لهم قرب وكرامة، كما هو المعهود في الدنيا من حصول الكرامة والزلفى لمن يخدم أعوان الملك وأقاربه وخاصته.
والكتب الإلهية كلها من أولها إلى آخر ها تبطل هذا المذهب وترده وتقبح أهله، وتنص على أنهم أعداء الله تعالى، وجميع الرسل صلوات الله عليهم متفقون على ذلك من أولهم إلى آخر هم، وما أهلك الله تعالى من أهلك من الأمم إلا بسبب هذا الشرك ومن أجله، وأصله الشرك في محبة الله، قال تعالى {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} فأخبر سبحانه وتعالى أنه من أحب مع الله شيئا غيره كما يحبه، فقد اتخذ ندا من دونه، وهذا على أصح القولين في الآية، أنهم يحبونهم كما يحبون الله وهذا هو العدل المذكور فيقوله تعالى {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} ، والمعنى على أصح القولين أنهم يعدلون به غيره في العبادة، فيسوون بينه وبين غيره في الحب والعبادة، وكذلك قول المشركين في النار لأصنامهم {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ومعلوم قطعا أن هذه التسوية لم تكن بينهم وبين الله في كونه ربهم وخالقهم، فإنهم كانوا كما أخير الله عنهم مقرين بأن الله