تدركهم الساعة وهم أحياء الذين يتخذون القبور مساجد". وفيه أيضا عنه صلى الله عليه وسلم: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك".
ثم عدد بعض أنواع الشرك، كالسجود لغير الله، والحلف بغير الله وقول القائل: أنا متوكل على الله وعليك، ومالي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذه الكلمات من شرك الألفاظ.
وأخذ المقريزي يحدثنا إلى أن قال: وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له وقل من ينجو منه.
فمن نوى بعمله غير وجه الله، لم يقم بحقيقة قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} فاستمسك بهذا الأصل ورد ما أخرجه المبتدعة والمشركون إليه تتحقق معنى الكلمة الإلهية.
وهنا أورد سؤالا ملخصه: أن هؤلاء لم يقصدوا الاستهانة بجناب الربوبية عندما جعلوا وسائط بينهم وبين الله كالأولياء والصلحين، وإنما قصدوا تعظيمه، لأنهم جعلوا الوسائط لتقربهم إليه تعالى، فلم كان هذا القدر موجبا لغضب الله ومخلدا في النار، وموجبا لسفك دماء أصحابه، واستباحة حريمهم وأموالهم، وأطنب في الكلام وأجاب بجواب مسهب وملخصه كالآتي:
أن هؤلاء الذين جعلوا وسائط بينهم وبين الله شبهوا الخالق بالمخلوق، وشبهوا المخلوق بالخالق.
أما تشبيه الخالق بالمخلوق، فإنهم شبهوه بملوك البشر بحيث إنهم يقبلون شفاعة الوسطاء من الوزراء والأغنياء وذوي الجاه في العفو عمن يستحق القتل أو كالسجن أو نحو ذلك، حيث إن القبوريين يقولون إننا نتوسل بالأنبياء والصالحين نستغيث بهم لأن لهم جاها ومقاما كبيرا عند الله، وهم الواسطة بيننا وبين الله لقبول دعائنا، وقد قال الله تعالى مخبرا عن المشركين {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ