الإغراء, بأنها حامية الحرمين الشريفين وحامية الإسلام, وأوغروا صدر الدولة على دعوة الشيخ, وشوهوا وجهها الجميل, حتى بلغ به الوقاحة وقلة الحياء والإيمان, إلى حد أن زعموا أن السعوديين النجديين لا يقولون في الأذان "أشهد أن محمدا رسول الله" بل يقولون "محد رسول الله" بحذف الميم, تنفيرا للأتراك من خصومهم, وإنهم يعلمون حق العلم أن هذا كذب وزور.
وأخيرا انخدعت الدولة العثمانية بأولئك المفترين, ولا سيما عندما رأت أن الدولة السعودية بسطت نفوذها على نجد وامتد إلى عمان, وأخذت تغزو العراق بعد فتح آل سعود مكة المكرمة سنة ١٢١٨هـ, فعندئذ أمرت الدولة محمد علي باشا والي مصر أن يحارب النجديين, فنفذ ما أمره السلطان وجرى ما جرى مما قصه التاريخ وأوعزوا إلى بعض العلماء من الأكالين باسم الدين أن يؤلفوا ضد الشيخ وأتباعه. أو تبرعوا بتلك الكتابات إرضاء لنفوسهم الأمارة بالسوء وإبقاء لرئاستهم على العوام.
هكذا فعلت الأشراف بعد أن اندحروا ودخل السعوديون مكة المكرمة, فألف مأجورو الترك والأشراف كتبا, شحنوها بالأكاذيب والترهات وحشوها بالأحاديث الموضوعة والضعيفة, والحكايات السمجة ضد الدعوة السلفية, وزعموا أن الشيخ مبتدع خارجي, حتى أن "زيني دحلان" نزل الأحاديث الواردة في الخوارج على الشيخ وأتباعه في كتابه "الدرر السنية" وفي "الفتوحات الإسلامية"١ فعلوا كل ذلك تنفيرا للناس, كيلا يتبعوا الشيخ الجليل, ويعتنقوا مبدأه الصحيح.
١ إبقاء لمركزه المرموق إذ ذاك في مكة المكرمة وإرضاء للأشراف, لأن الأشراف رأوا أن دعوة الشيخ خطر عليهم ومخالفة لعقائدهم التي منها تعظيم الأشراف أحياء وأمواتا, ومنها تشييد القباب على قبورهم وشد الرحال إليها لأجل طلب قضاء حوائج الزائرين الطالبين. انظر كلام زيني دحلان في الفتوحات المكية –ج٢-ص ٢٥٧-٢٦٦ لتقرأ الكذب والضلال.