ومن الأسباب أيضا أن الكثيرين من أولئك الذين سموهم العلماء زورا وبهتانا, كانوا يترأسون على العوام ويأكلون منهم الحطام, ويروجون بين الأنام الدعاية الضالة لتلك القبور المشيدة والقباب المزخرفة من الكرامات المختلقة والدرجات العالية, وخافوا من انتشار هذه الدعوة السلفية الصحيحة أن يفهم الناس حقائق الدين والتوحيد, وأن تكون النتيجة زوال رئاستهم وما كانوا يأكلون من تلك النذور والأوقاف, وما يتقرب به الجهلة العوام إلى تلك القبور, وأولئك كانوا يأكلونها باسم السدانة والمحافظة على القبور المقببة, وتفهيم الزوار آداب الزيارة وكيف يدعون الولي, وكيف يطلبون منه قضاء حوائجهم, وكيف يطوفون حوله وكيف يدخلون ويخرجون, وعندما علموا أن هذه الدعوة مآلها إن انتشرت, وفهم الناس حقيقتها القضاء على رئاستهم وظهور جهلهم للناس، وأنهم كانوا ضالين ومضلين.
أخذوا عند ذاك يذيعون وينشرون بين الناس, ويختلقون مثالب وقوادح في الشيخ وأتباعه, بل وقد يكتبون تنفيرا للناس عن الدخول في هذا التوحيد الذي كاد أن يقضي عليه علماء السوء وجهل أكثر العوام.
ومن الأسباب: أن بعض العلماء لم يعرف حقيقة ما جاء به الشيخ محمد بن عبد الوهاب, وإنما قلد بعض من سمع منه أو قرأ له كتابا في الانتقاد على الشيخ, أو سمع من بعض العوام أنه لا ينتفي لعالم أن يكتب عن عالم, أو ينسب إليه مذهبا أو قولا قبل أن يتحقق لديه ذلك القول المنسوب بالوقوف على كتابه الذي فيه ذلك القول المضاف إليه ومنها داء الحسد.
وإذ فهم القارئ أو السامع ما ذكرته عن دعوة الشيخ وموقف خصومه وإلصاقه بتلك التهم التي لا نصيب لها من الصحة, فمن الجدير بي أن أنقل للقارئ عقيدة الشيخ وأتباعه كما كان عليه السلف الصالح فهاكم البيان: