أو جماد أو غيره, فقد أشرك في العبادة, وصار من تفعل له هذه الأمور إلها لعابديه سواء كان ملكا أو نبيا أو شجرا أو قبرا أو جنيا أو حيا أو ميتا, وصار العابد بهذه العبادة أي نوع منها عابدا لذلك المخلوق مشركا بالله وإن أقر بالله وعبده, فإن إقرار المشركين بالله وتقربهم إليه لم يخرجهم عن الشرك, وعن وجوب سفك دمائهم, وسبي ذراريهم, وأخذ أموالهم غنيمة, وجاء في الحديث القدسي "أنا أغنى الشركاء عن الشرك" , وفي الحديث القدسي أيضا:"لا يقبل الله عملا شورك فيه غيره, ولا يؤمن به من عبد معه غيره".
قال العلامة الشوكاني بعد كلام سبق:
وإذا تقرر هذا فلا شك أن من اعتقد في ميت من الأموات أو حي من الأحياء أنه يضره أو ينفعه, إما استقلالا أو مع الله تعالى أو ناداه أو توجه إليه أو استغاث به في أمر من الأمور التي لا يقدر عليها المخلوق, فلم يخلص التوحيد لله لا أفرده بالعبادة, ولا فرق بين أن يكون هذا المدعو من دون الله أو معه حجرا أو شجرا أو ملكا أو شيطانا كما كان يفعل ذلك الجاهلية وبين أن يكون إنسانا من الأحياء أو الأموات كما يفعله كثير من المسلمين, وكل عالم يعلم هذا ويقر به, فإن العلة واحدة وعبادة غير الله تعالى وتشريك غيره معه يكون للحيوان كما يكون للجماد وللحي كما يكون للميت, فمن زعم أن ثم فرقا بين من اعتقد في وثن من الأوثان, أنه يضر أو ينفع أو يقدر على أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالى وبين من اعتقد في نبي أو ولي مثل ذلك, فقد غلط وأقر على نفسه بجهل كثير, فإن الشرك هو دعاء غير الله فيما يختص به تعالى أو اعتقاد القدرة لغيره فيما لا يقدر عليه سواه, أو التقرب إلى غيره بشيء مما لا يتقرب به إلا إليه.
قال في الإقناع وشرحه: من بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم كفر إجماعا, لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام, قال الإمام أبو