التفصيل في قولهم أن هناك بدعة حسنة.
الوجه الرابع: أن نقول: أن الأكثرية ليست دليلا على الحق. قال الله تعالى {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} وقال تعالى {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} .
ولا ريب أنه قد مضى أكثر من ثلاثة قرون على المسلمين لم يكن هذا الاحتفال, وإنما أحدثه الفاطميون بمصر في أثناء القرن الرابع, كما أحدثوا بدعا كثيرة منها مولد علي بن أبي طالب, والسيدة فاطمة الزهراء, والحسن والحسين, ومولد الخليفة الحاضر, وقبر الحسين, وتقديس القبور.
وأحدث المولد النبوي أيضا الملك المظفر ملك إربل ناحية الموصل في أواخر القرن السادس أوائل القرن السابع.
وإلى القارئ ما ذكره السيد رشيد رضا في مقدمة رسالته ذكرى المولد النبوي نقلا عن تاريخ ابن خلكان:
قال: والمشهور أن المُحْدِثَ لها هو أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن علي بن بكتكين التركماني الجنس الملقب بالملك المعظم مظفر الدين صاحب إربل, أحدثها في أوائل القرن السابع أو أواخر القرن السادس, فإن السلطان صلاح الدين ولاه على إربل في ذي الحجة سنة ٥٨٦هـ وتوفي سنة ٦٣٠هـ, وقد كان سخيا متلافا صاحب خيرات كثيرة, وكان ينفق على الاحتفال بالمولد ألوفا كثيرة, ففي تاريخ ابن خلكان أنه كان ينصب له مقدار عشرين قبة من الخشب, كل قبة منها أربع طبقات أو خمس طبقات له قبة منها والباقي للأمراء وأعيان دولته, وكانوا يزينون هذه القباب في أول شهر صفر بأنواع الزينة الفاخرة, وكان يكون في كل قبة جوق من الأغاني, وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي, بل كانوا لا يتركون طبقة من الطبقات بغير جوق من تلك الأجواق, وكان الناس يتركون كل عمل في تلك الأيام فلا يتقى لهم شغل إلا التفرج والدوران على القباب.
قال ابن خلكان: فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم