بليلة المولد الشريف, فإذا جاء إنسان وقال: إذا ابتدع الملك المظفر الاحتفال بليلة مولده عليه الصلاة والسلام, فأنا أبتدع الاحتفال بليلة البعثة أو يوم البعثة, اليوم الذي جاء فيه جبريل عليه الصلاة والسلام في غار حراء حين كان يتعبد الليالي, جاءه جبريل عليه السلام بالنبوة وقال له: اقرأ, فقال له الرسول: لست بقارئ, فغطه, أي ضمه إلى صدره, فعل ذلك ثلاث مرات ثم أطلقه, فقال {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} فقرأ صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الآية الشريفة ابتدأت نبوة محمد عليه الصلاة والسلام, وبنبوته ورسالته أزهق الله الباطل, وطهرت الجزيرة العربية من الشرك والكفر, كما طهر كثيرا من الأمم التي دخلت في دين الإسلام من الوثنية والإلحاد وتركوا عبادة الأصنام, والأحجار, والنيران, والكواكب والملائكة والأنبياء ووحدوا الله وتشرفوا بدين الإسلام, وعمت الرحمة على العالمين, وأزال الله ظلم الأكاسرة والقياصرة والأقباط, وانتشر العدل وأزال الله العنصرية المفرقة بين الشعوب والأمم, بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .
فليلة البعثة أو يوم البعثة أحق بالاحتفال, وإذا قال آخر أنا أحتفل بيوم الهجرة, لأن بالهجرة فرق الله بين الحق والباطل, واعتز المسلمون وصارت لهم دولة, فيستحق الاحتفال وإظهار التعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وإذا قال آخر أنا أحتفل بيوم بدر, لأنه يوم الفرقان يوم التقى الجمعان في يوم نصر الله المسلمين على المشركين, وإذا قال آخر أنا أحتفل بيوم فتح مكة, يوم دخل الناس في دين الله أفواجا, ونكست الأصنام واعتز دين الله ودخل الناس في دين الله أفواجا, وإذا قال آخر أنا أحتفل بيوم وفاته, يوم انتقل إلى الرفيق الأعلى فماذا يكون جوابنا وجواب من يحسن بدعة الموالد؟ فإن أجاز لهم فقد غدا الدين احتفالات وأعيادا, وإن منع فليس عنده حجة يستطيع أن يمنع هؤلاء. فلذا كان أهل البدع والضلالات يحتفلون بموالد أئمتهم ويوم