فعند آل الشيخ بالخصوص مكتبة عامرة بألوف من الكتب في المذاهب الأربعة وغيرها في التفسير وعلومه, وفي الحديث وعلومه ورجاله, وفي كتب التوحيد, وفي العلوم العربية والأدب وغيرها من الفنون والعلوم الشيء الكثير, ومن أراد أن يعرف صدق ما أقول, وكذب أولئك, فليقرأ كتب الشيخ وأتباعه ليرى فيها النقول الكثيرة من كتب أئمة المذاهب الأربعة وغيرها من التفاسير والأحاديث والأصول ما يبين أوضح البيان ويقيم أسطع البرهان على كذب أولئك الذين زعموا أن الشيخ منع أتباعه من قراءة كتب المذاهب والتفسير والحديث, بل يفترون ويقولون أنه أحرق كثيرا منها.
"٤" وكان الشيخ يدعي الاجتهاد, ولأجل هذه الدعوى أتى بتلك الأقوال التي لم يقلها أحد قبله إلا ابن تيمية, ومن المعلوم أن الاجتهاد قال العلماء بمنعه بعد الأئمة الأربعة وتلامذتهم, ومن ادعى الاجتهاد سفهوا رأيه وردوا عليه, فهذا السيوطي مع جلالة قدره ادعى الاجتهاد فردوا عليه وخطأووه ولا تخفى مكانة السيوطي العلمية, ومع ذلك لم يقبلوا قوله ونقدوه.
الجواب:
أولا: إن الاجتهاد نوعان, مطلق ومقيد, فالشيخ رحمه الله لم يدع الاجتهاد لا مطلقه ولا مقيده, وعلى الفرض والتقدير أنه ادعى الاجتهاد, فأي شيء فيه من المنكر, فالاجتهاد بذل الوسع لمعرفة المسائل وأدلتها من الكتاب والسنة والقياس والإجماع, والذين منعوا الاجتهاد وقالوا: إن الباب أغلق من بعد الأئمة الأربعة وتلامذتهم ليس معهم دليل عقلي ولا نقلي صحيح, إنما هو رأي ارتأووه وسوغوا قولهم بأن الهمم فاترة, ولا نجد من فيه الكفاية من بعد أولئك الأعلام, فلهذا يجب التقليد واحد منهم كما قال اللقاني:
فواجب تقليد حبر منهم ... كذا حكى القول بلفظ يفهم
والتقليد: أخذ قول الغير من غير معرفة دليله, وقول الناظم: فواجب