تقليد حبر منهم ... الخ الوجوب من الأحكام الخمسة التي هي الوجوب والندب والكراهة والتحريم والإباحة, والحكم خطاب الله المتعلق بفعل المكلف, فمن الذي أوجب تقليد إمام من الأئمة الأربعة وغيرهم, هل الله أو رسوله؟ {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} , وقد أوردوا بعض الحجج على وجوب التقليد, وردها العلماء المحققون كالعلامة ابن القيم في إعلام الموقعين, والشوكاني في القول المفيد, وأرشاد الفحول, والفلاني في إيقاظ أولي الهمم وغيرهم, فلا نطيل بذكر تلك الحجج والرد عليها.
والخلاصة أن رأيهم هذا خطأ محض, ليس عليه شبهة الصواب, فضلا عن الحجة والدليل, ولا يجب تقليد أحد من الأئمة الأربعة إلا لمن كان عاجزا عن معرفة الدليل.
أما من أوتي طرفا من علم الفقه والتفسير والحديث والأصول واللغة العربية, فإن لم يبلغ درجة الاجتهاد المطلق, وبحث واجتهد, فلا أقل من أن يتأتى له أن يعرف المسألة التي يريدها بدليلها فإذا عرف ذلك خرج عن دائرة التقليد في تلك المسألة.
والشيخ محمد بن عبد الوهاب من تواضعه قال: ولا ندعي الاجتهاد, ومن سيرة الشيخ وكتبه جزم أن الشيخ رحمه الله بلغ درجة عالية من العلم, وأنه كان في إمكانه أن يقيم الأدلة من الكتاب والسنة على ما يذهب إليه ويدين به, ولكن المبتدعين من أعداء الشيخ يريدون أن يخلقوا له المثالب والطعون, فيأتون بما هب ودب وبما يخالف العقول الراجحة والأذواق الصحيحة, وإلا فقل لي بربك إذا منع أتباعه من قراءة كتب المذاهب والتفسير والأحاديث, فعلى أي شيء يعتمد في تأليفه وأحكامه وأقضيته ودروسه؟ وهل يستغني أحد عن كتب أئمة العلم؟ لكن التعصب الأعمى والتقليد المذموم يجعل الإنسان يهرف بما لا يعرف ويقول ما لا يعقل.
وهؤلاء متأثرون بما قاله بعض الفقهاء من شروط الاجتهاد والعديدة التي لعلها لم تتوفر حتى في أبي بكر وعمر, ولما تصوروا تلك الشروط وطبقوها على