للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنفسهم وقرنائهم وأهل عصرهم وجدوها لم تتوفر في أحد منهم.

وكل ما في الأمر أن المجتهد من يعرف آيات الأحكام وأحاديث الأحكام, ويميز بين الخاص والعام والمطلق والمقيد, والناسخ والمنسوخ, والظاهر والمؤول, ويعرف إجماع العلماء وخلافهم, ويعرف طرفا من اللغة العربية, ويجوز له الاكتفاء بتصحيح الأحاديث التي صححها الأئمة المحدثون كالبخاري ومسلم وأبي داود وأمثالهم, ولا يجب على المجتهد أن يحيط بعلم الأولين والآخرين, ولا أن يحيط بجميع الأحاديث وجميع تفسير القرآن الكريم وسائر العلوم العربية وغيرها, مع أن معرفة تفسير القرآن كله والأحاديث إن لم يتأت لكل أحد, فقد يتأتى من كثيرين, وفضل الله واسع يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم, ولا يشك عاقل في بطلان هذا القول وفساده, وأنه قول على الله بغير علم, ورجم بالغيب, وتكهن وحكم على الله بأنه لا يمكن أن يوجد من يكون مجتهدا, وكفى بهذا القول فسادا وبطلانا.

والكلام عن الاجتهاد والتقليد طويل, وقد كفانا علماء الأصول مؤنة البحث, فليراجع من يشاء, والمراجع عديدة وقد بينت هذا الموضوع بيانا شافيا في كتابي سبيل الجنة بالتمسك بالكتاب والسنة, وكتابي تنزيه السنة والقرآن.

فإذا وقفت على ما ذكرت, وأن شروط الاجتهاد ليست عسيرة, وفي الإمكان لم جد واجتهد وساعده توفيق الله أن ينال الاجتهاد المطلق أو المقيد.

والشيخ محمد بن عبد الوهاب لا نشك ولا يشك أحد ممن قرأ كتبه أنه إن لم يكن مجتهدا مطلقا, فلا أقل من أنه كان ممن يستطيع أن يرجح بقوة الأدلة وضعفها في قضية ما من القضايا.

وأما كون العلماء ردوا على من ادعوا الاجتهاد وسفهوا رأيه, فهذا من تعصبهم المقيت, وغلوهم في التقليد, وليس لهم في ميزان العلم والعقل

<<  <   >  >>