ما يساعدهم على ذلك, فمنعهم الاجتهاد خطأ وردهم على يدعي الاجتهاد إذا كان لديه من العلم من تلك الدعوى خطأ أكبر.
ولا ريب عندنا أن جلال الدين السيوطي وقبله الحافظ ابن حجر العسقلاني والإمام النووي, والعز بن عبد السلام, وشيخ الإسلام ابن تيمية, والحافظ ابن القيم وابن قدامه المقدسي، وأمثال هؤلاء العلماء الفحول الأجلاء لم يكونوا يتقيدون بالتقليد الأعمى، ولكن بعضهم خوفا من ألسنة العامة وألسنة بعض المنتسبين إلى العلم وإثارة الغوغاء والبلبلة, ينتسب إلى المذهب لكنه يشير في العبارات بمثل أنا أختار كذا، وهذا ما يؤيده الدليل أو قلت الأصح كذا ونحو ذلك من العبارات التي لا تخفى على من مارس العلوم الدينية أن صاحب هذه الأقوال لم يكن مقيدا مطلقا بالمذهب.
وإلى القارئ الآن جملا من المفتريات الغريبة المضحكة على عقول أولئك المفترين ودحضها:
"١" زعموا أن الوهابية ملكوا الطائف في ذي القعدة سنة ١٢١٧هـ وقتلوا الكبير والصغير والمأمور والآمر، ولم ينج إلا من طال عمره، وكانوا يذبحون الصغير على صدر أمه، ونهبوا الأموال، وسبوا النساء.
والجواب: أن دعوى قتل المسلم قد سبق في أول المقال، فالشيخ رحمه الله ألف كتاب الكبائر وفيه باب تعظيم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يخفى على أقل مسلم أنه لا يجوز سب المسلم فضلا عن قتله، وفي الحديث الصحيح "لعن المسلم كقتله". وفي حديث آخر "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". ولا تخفى الآية الكريمة من سورة النساء -٩٣, قال تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} .
فكيف يقدم الشيخ أو أتباعه على قتل مسلم بغير حق، وفي الحرب قد يكون القتل، ولكن للحرب مسوغات، والشيخ لم يحارب أحدا ولا الدولة السعودية سلفا وخلفا بغير حق، وحتى في حالة الحرب ما ذنب النساء