فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
الرابع: التوسل بذكر الأعمال الصالحة السالفة عند نزول الضر لكشفه كما في قصة أصحاب الغار لما أووا إلى غار فانطبق عليهم صخرة, فتوسل أحدهم بعفته من الزنا, فانفرجت من الصخرة ثلثها, وتوسل الثاني ببره لوالديه فانفرج الثلث الثاني, وتوسل الثالث بتنمية أجر الأجير الذي كان أجيرا عنده فذهب وترك أجرته, ثم جاء وأخذ الأجرة ونماها, فانفرجت الصخرة جميعها فخرجوا يمشون, وهذه القصة وردت في البخاري ومسلم.
الخامس: التوسل بدعاء الصالحين الأحياء كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري وغيره أن الصحابة كانوا إذا أجدبوا توسلوا العباس بن عبد المطلب, وقال عمر في عام الرمادة: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا, وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا.
ومن المعلوم الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو على المنبر طالبا من الله أن يسقيهم, واستسقاء النبي لما جاءه الأعرابي يشكو الجدب مشهور في الأحاديث, وهو من الأحاديث المتفق عليها, والصحابة حينما أجدبوا طلبوا من العباس بن عبد المطلب أن يدعو لهم, وباب الاستسقاء في كتب الأحاديث والفقهاء وكيفية الصلاة وإلقاء الخطبة التي هي عبارة عن دعاء من المسلمين الحاضرين لرب العالمين, أن يسقيهم ويرفع عنهم الجدب والقحط, يعرف هذا أدنى طالب علم مبتدئ, وصلاة الاستسقاء هي توسل بها وبالأدعية التي يدعون بها لكي يغيثهم الله, وكذلك صلاة الجنازة توسل بها وبالأدعية التي بها لكي يغفر الله للميت.
وهناك أنواع أخرى من التوسلات المندوبة وكلها تدور حول التوسل بالإيمان والعمل الصالح, وهذه التوسلات لم يختلف فيها اثنان ولم يقل الشيخ محمد وأتباعه بمنعها, بل يأمرون بها ويرونها من القرب التي تقرب العبد إلى مولاه وينال بها رضاه.