سؤال الله بالخلق والعباد, وبحقهم وجاههم ونحوه, لم يرد مثله ولا دليل في آية, ولا في حديث صحيح ولا في كلام صاحب من أصحاب النبي, ولا عن إمام من أئمة الدين المقتدى بهم فما جاء في البخاري ولا في مسلم أصح كتب الإسلام بعد الكتاب شيء من هذا النوع, خلا حديث أنس بن مالك في الاستسقاء بالعباس وهو ليس من هذا القبيل, ولا جاء في خبر صحيح سليم من القدح والطعن والضعف والاختلاف.
وأبواب الدين: أصوله وفروعه كلها جاءت فيها الآيات والأحاديث الصحيحة أو الحسنة وفيها من الأحاديث المتواترة, التي لا يختلف المسلمون في صحتها وصحة نسبتها إلى النبي عليه السلام إلا هذا الباب, باب سؤال الله بالمخلوق وبجاهه وذاته وحرمته, فما جاء فيه حديث أجمع على صحته وثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم, أو سلم من النقد والضعف, ودين الله لا يثبت إلا بالنقل الصحيح, والنقل الصحيح لا يكون سوى الكتاب والسنة الصحيحة السليمة من الضعف وأعراضه, وخلاف هذا لا تثبت به قاعدة من قواعد اللغة ولا قواعد النحو, ولا مسألة من مسائل الحيض والطهارات, فضلا عن أن يثبت به حكم من هذه الأحكام وشريعة من هذه الشرائع.
والتوسل والاستغاثة من العقائد, والعقائد عند هؤلاء القوم لا تؤخذ من أحاديث الآحاد ولو كانت صحيحة ولا يعتمد عليها, فكيف الآن يحتجون بأحاديث ليست بصحيحة على مطالبهم.
لكن الهوى والتعصب الأعمى يفعل بأهله العجائب, فعندما تورد عليهم حديثا من الصحيحين في عقيدة من العقائد, قالوا: هذا الحديث من أحاديث الآحاد, لا نعتمد على أحاديث الآحاد في عقائدنا لأنه لا يفيد إلا الظن, والظن لا يغني من الحق شيئا, وإذا أرادوا أن يحتجوا لمبدئهم وعقائدهم احتجوا بما هب ودب من الأحاديث الضعيفة والموضوعة, والحكايات والمنامات وما أشبه ذلك مما هو أوهى من بيت العنكبوت, فيا سبحان الله ما يفعل الهوى بأهله والتقليد بذويه.