للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عناية القرآن بالمعاد والحساب والنهي عن الدعاء لغير الله

لقد عني القرآن بإثبات المعاد والحساب والعقاب, وبإثبات النبوات والوحي واتصال الملأ الأعلى بالبشر, وعني بغير ذلك من أصول الأديان والإيمان, كما قد عني بالنهي عن دعاء غير الله, وبالأمر بدعائه وحده أكثر, كما سوف نعرض على القارئ لأجوبتنا, ففي كل سورة تجد الله تعالى ينهى عن دعاء غيره ويأمر بدعائه وحده, ويندد عن دعاء سواه من خلقه, وفي كل آية تنهى عن ذلك تجد النهي فيها شديدا والتأثيم عظيما, والأمر أوضح وأظهر.

قال الله تعالى في سورة الحج {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} . وهذه الآية لو لم ينزل الله غيرها على البشر كافة لكانت حجة قائمة عليهم جميعا في بطلان الشرك وبطلان دعاء غير الله وهدم أركانه, وتنديد بمن دعوا مخلوقا يقصر القول عن نعته وصفته وقد وجه الله هذا المثل إلى الناس أجمعين في كل زمان ومكان, وآذنتهم أن الذين يدعون من دونه من العقلاء وغير العقلاء من الجن والإنس, من الصالحين والطالحين, عاجزون عن نفعهم وعن ضرهم وعن كل ما يرجى منهم من خير وشر, فهم لا يستطيعون أن يخلقوا أحقر مخلوق في هذا الوجود, ولا أن يستردوا ما أخذه منهم هذا الأحقر.

وهذه الآية كما ترى قطعت جذور الشك والوثنية, ومما لا شك فيه أن الاستغاثة دعاء غير الله ونداؤه طالبا منه جلب نفع أو دفع ضر, والقرآن صريح بأن دعاء غير الله كفر وضلال, وأنه غير مجد ونافع, قال الله {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} وقال الله {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} وقال الله تعالى

<<  <   >  >>