الربوبية: هو اعتقاد أن الله هو الخالق والرازق والمحيي والمميت, وأما توحيد الألوهية: فهو إفراد الله بالعبادة بدون أن يشرك معه غيره لا ملك مقرب ولا نبي مرسل, قال الله مخبرا عن نوح {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} . وهكذا سائر الأنبياء.
وقال الله مخاطبا نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} .
وبلاء القوم أنهم فسروا الإله بمعنى القادر على الاختراع والخالق أو المالك, ولم يفسروا الإله بالمعبود بحق, ولم يتأملوا في الآيات الآمرة, بإفراد الله بالعبادة فجاءهم الاشتباه من هذه الناحية, وأما شبهتهم بأن المشركين كانوا لا ينطقون بلا إله إلا الله ولا يقرون بالنبوة للنبي صلى الله عليه وسلم فكيف يساوي المسلمون الذين يفعلون ما تنكره الوهابية من أجل محبتهم للرسول وللصالحين لأن لهم جاها ومقاما عظيما عند الله رب العالمين ولم يقولوا بأن الأنبياء والأولياء خلقوا شيئا من الكائنات وأنهم يضرون وينفعون. فالجواب:
أولا: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب, وعموم اللفظ يدخل فيه غير الله كائنا من كان وما كان.
اعتقاد المشركين الأولين بتوحيد الربوبية
ثانيا: إن الجاهلية كانت تعتقد أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت, الضار, النافع, وأن الخير والشر بيده سبحانه وتعالى, وإنما عبدوا أصنامهم لتقربهم إلى الله زلفى كما قال الله عنهم {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} , وقال الله {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ