وغلب على الإله الحق، والمسلم إذا قال: لا إله إلا الله، معناها، أن لا معبود بحق في الوجود إلا الله، وإن الآلهة غير الله التي عبدوها باطلة.
ومن هنا تعلم أيها المسلم أن المشركين تعددت آلهتهم مثل اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، وعبد بعضهم الشعرى, بعضهم عبد النار، ومنهم من عبد الجن، فإن القبوريين بصرفهم العبادات أو كثيرا منها لغير الله من الأنبياء والأولياء الذين يعتقدون فيهم ذلك الاعتقاد الذي بموجبه أخذوا يشدون إليهم الرحال، وينادونهم في الشدائد بدعاء لا ينادى به إلا الله ذو الجلال، فقد تعددت الآلهة بذلك ولا تنفعهم كلمة الشهادتين، ولا الصلاة ولا الصيام، لأنه بمثابة من توضأ ثم أحدث، فنطقهم بالشهادتين، وإتيانههم بالعبادات كالصلاة والصيام والحج تطهير, ولكن إتيانهم بتلك الشركيات التي سبق بيانها مرارا قد أبطلت معنى الشهادتين, لأن تلك الشركيات بمنزلة النواقض, فافهم وتنبه لما يلقى إليك من الشبه, وسيأتي إن شاء الله ذلك مفصلا في شروط لا إله إلا الله ونواقضها.
وثانيا: إن عباد الأنبياء والصالحين لم يرغبوا إليهم ويقدموا النذور والقرابين إلى أوليائهم ويستغيثوا بهم إلا أنهم يعتقدون في قرار أنفسهم أنهم ينفعونهم أو يضرونهم أو يشفعون لهم عند الله, وإلا لما وجدتهم عاكفين عليهم باسطين أكفهم إليهم تغشى وجوهم الذلة والمسكنة وتضطرم في قلوبهم الرغبة وحب النفعة, ولما تحملوا المشاق وقطعوا الفيافي والقفار إليهم, أو قطعوا المسافات الطويلة في البحار إلا لما رسخ في قلوبهم ذلك الاعتقاد أنهم قادرون على كل ما يريدون من إعطاء ولد أو تيسير رزق أو شفاء مرض أو رفع ظلم ونحو ذلك, والأدلة على ذلك كثير منها:
أنهم يسمون سكان تلك القبور من الأولياء الكبار في زعمهم أهل التصرف, أي تصرف العالم ويسمونهم الأقطاب أي أقطاب الكون, ويدعون الواحد منهم بالمتولي أي متولي أمر الوجود, فهناك أقطاب وهناك قطب واحد وهناك غوث العالم إلى غير ذلك من المسميات, على أن هؤلاء