للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعبدونها، جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليم وسلم قال لحصين ابن المنذر كم إلها تعبد؟ قال: سبعة، ستة في الأرض وواحدا في السماء قال: من تعد لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء. فانظر كيف صرح حصين أن الله الذي في السماء هو الذي يخافه ويرجوه ويرهب منه ويرغب إليه لا الآلهة التي في الأرض.

وقال الله تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} .

إما أن تزعموا أن هؤلاء المشايخ الذين تدعونهم من دون الله ينفعون ويضرون، وأن دعاءكم إياهم لم يكن إلا رغبة في نفعهم وضرهم، وإما أن تقولوا أنهم لا ينفعون ولا يضرون، ولا مفر من الافتراضين، فإن ذهبتم إلى الافتراض الأول فقد ذهبتم إلى ما زعمتم أنه كفر بالله وضلال كبير، وإن ذهبتم إلى الافتراض الثاني وجب أن تعترفوا بأن دعاء الأموات ممنوع باطل، وذلكم لأن هذه الآية وغيرها من الآيات قد نهت بشدة وصراحة عن دعاء من لا ينفع ولا يضر، وأنبأت بأن من دعا من لا ينفعه ولا يضره فهو من الظالمين، وأيا اخترتم فقد حججتم.

والافتراض الأول أي افتراض أن المشايخ ينفعون ويضرون لا يمكن لمسلم الذهاب إليه، وقد أبطله الله تعالى بقوله {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} وقد أبطله الله تعالى أيضا في آيات أخرى صريحة معلومة مثل قوله تعالى {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} وقوله تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} وقوله تعالى {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} وقوله تعالى {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} ، وقوله تعالى {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ} ، إلى غير ذلك من الآيات الصريحة الظاهرة، فهذا الافتراض لا يتحمل مسلم الذهاب إليه ولا القول به.

<<  <   >  >>