فترى أن الحديث يصرح أن عبادة الأحبار والرهبان هي طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام، وهو طاعتهم في خلاف حكم الله ورسوله.
قال شيخ الإسلام ما معناه مختصرا: إن هؤلاء المقلدين الذين اتخذوا الأحبار أربابا في تحليل ما حرم الله وعكسه، يكونون على وجهين أحدهما: يعلمون أن الأحبار والرهبان قد بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله وعكسه، اتباعا لرؤسائهم فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركا، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون. الثاني: يعتقدون تحريم الحرام وعكسه، لكن أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب.
إنكارهم نسبة الخلق والرزق والنفع والضر إلى من يستغيثون بهم ويدعونهم من دون الله
وأحب أن أنور ذهن القارئ والواقف زيادة على ما سلف في إقامة الحجة على أولئك المبتدعين الذين يعبدون غير الله من الأنبياء والصالحين، وينكرون أن تكون هذه العبادة شركا، قائلين نحن لا نعتقد أن الأنبياء والصالحين ينفعون أو يضرون، بل النافع والضار هو الله وإنما نجعلهم وسطاء بيننا وبين الله لمنزلتهم الرفيعة، وبهذا لا يجوز أن ينسب إلينا الكفر أو الشرك أو الضلال، وإنما دفعتنا إلى دعائهم والالتجاء إليهم محبتنا لهم، واعتقادنا بأنهم قد بلغوا درجة عالية وخصهم الله بخصائص لم يمنحها غيرهم.
فالجواب: أن يقال لهم، هذا الاعتقاد هو نفس اعتقاد مشركي العرب وسائر المشركين، فكانوا لا يعتقدون الضر والنفع في الأصنام التي كانوا